الحج، وكانت حجت من إربل، وعادت على الشام، فقدم معها، وكنت بالبيت المقدس، فقدم علينا معها في أوائل سنة (١٨٥ - ظ) تسع وستمائة، وأقام بعدها بحلب إلى أن مات.
وقال لي ابن أخيه القاضي الإمام زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن:
إنه تكمل للشيخ أحمد-عمه-إلى أن مات ثلاثون حجة إلى مكة حرسها الله بسني المجاورة.
وسمعت القاضي زين الدين المذكور يقول: كان الشيخ ربيع بن محمود المارديني-وكان أحد الأولياء-يقول: لو صعد أحد إلى السماء بخدمة والدته لصعد الشيخ أحمد، فإنه لم يخدم أحد والدته مثل خدمته.
قال: وبلغني أنه طاف ليلة بأمه من العشاء إلى الصباح ويدها على كتفه لضعفها ومعه إبريق فيه ماء، وهو يطوف والماء معه معدّ لأمه إن عرضت لها حاجة إليه.
قال: وكان الشيخ عبد الحق الفاسي، وكان أيضا أحد الأولياء قد سكن الفين، قرية في وادي بطنان، وأقام بمسجدها، وذلك بعد موت الشيخ أبي زكريا المدفون بدير النقيرة، وعزم عبد الحق على أن لا يخرج من الفين إلى أن يموت، فلما قدم الشيخ أحمد من مكة بعد المجاورة الطويلة، دخل عبد الحق من الفين قصدا لرؤيته، وأقام بحلب أياما قلائل حتى قضى حق زيارته، ثم عاد إلى الفين.
وسألت القاضي أبا محمد المذكور عن مولد عمه أبي العباس، فقال: لا أعلم، إلا أنه كان بينه وبين والدي في العمر مقدار سبع سنين، ومولد والدي في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة في ربيع، فيكون تقدير (١٨٦ - و) مولد عمي في سنة إحدى أو اثنتين وأربعين وخمسمائة، ثم وجدت في تعليق بخط رفيقنا رزق الله الدنيسري:
إن شيخنا أحمد مولده سنة أربع وأربعين وخمسمائة، فلا أدري من أين وقع له ذلك.