للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من (١) جماله، وترك ركوب الدواب، ولبس ثيابا واسعة، وتعمم عمة أعرابية، وأمر أصحابه أن لا يحاربوا أحدا وان أتي عليهم حتى ينبعث الجمل من قبل نفسه من غير أن يثيره أحد، فكانوا اذ فعلوا ذلك لم يهزموا، وكان اذا أشار بيده الى ناحية من النواحي انهزم من يحاربه، واستغوى بذلك الاعراب.

فخرج إليه بدر يوما لمحاربته، فقصد القرمطي رجل من أصحاب بدر يقال له زهير بزانة (٢)، فرماه بها فقتله، ولم يظهر على ذلك أصحاب بدر إلاّ بعد مدة، فطلب في القتلى فلم يوجد، وكان يكنى أبا القاسم.

قال ابن أبي الأزهر: وحدثني كاتبه المعروف بإسماعيل بن النعمان، ويكنى بأبي المحمّدين، وسبب هذه الكنية أنه وافى مع جماعة من القرامطة بعد الصلح وقبولهم الأمان من القاسم بن سيماء، وكان على طريق الفرات، ومن عبد الله بن الحسين بن سعد وكان على القابون (٣)، فكان القاسم بن سيماء يكنى أبا محمد وصاحب الخرائط‍ قرابة أبي (١٩٠ - ظ‍) مروان يكنى أبا محمد، فكني إسماعيل هذا أبا المحمدين، فبقي معروفا بذلك.

فحدثني إسماعيل عن هذه الوقعة قال: فصرت إليه غير مرة وهو راكب على نجيبه، وعليه درّاعة ملحم، فقلت له: قد اشتد الأمر على أصحابنا، وقد قربوا منك، فتنح عن هذا الموضع إلى غيره، فلم يرد علي جوابا، ولم يثر نجيبه، فعدلت إليه ثانية، فقلت له: قم، فانتهرني ولم يرم إلى أن وافته زانة، أو قال: حربة، فسقط‍ عن البعير، وكاثرنا من يريد أخذه، فمنعنا منه، وقتل زهاء مائة إنسان في ذلك الوضع، ثم أخذناه وتنحينا بأجمعنا.


(١) -اقتباسا من رواية ان ناقة النبي كانت مأمورة يوم دخل المدينة مهاجرا صلى الله عليه وسلم.
(٢) -من أنواع الحراب.
(٣) -خارج دمشق معروفة بهذا الاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>