فلما كان في يوم السبت (١٩٤ - و) لعشر بقين من شهر ربيع الأول بنيت دكّة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي الذي تخرج إليه الثلاث الأبواب ومن باب خراسان، تكسير ذرعها عشرون ذراعا في عشرين ذراعا، وجعل لها أربع درج يصعد منها إليها، وأمر القوّاد جميعا بحضور هذه الدكة، ونودي بذلك في الناس أن يحضروا عذاب القرامطة ففعلوا وكثر الناس في هذا الموضع، وحضر القوّاد والواثقي (١) المتقلد للشرطة بمدينة السلام، وحضر محمد بن سليمان، فقعدوا جميعا عليها، وأحضروها ثلاثمائة ونيفا وعشرين إنسانا ممن كان أسر قديما، ومن جاء به محمد بن سليمان، وأحضر القرمطي والمدّثّر فأقعدا، وقدم نيف وثلاثون إنسانا من هؤلاء الأسارى من وجوههم فقطعت أيديهم وأرجلهم وضربت أعناقهم، ثم قدم القرمطي فضرب مائتي سوط، ورش على الضرب الزيت المغلى، وكوي بالجمر، ثم قطعت يداه ورجلاه، وضربت عنقه، فلما قتل انصرف القواد وأكثر الناس ممن حضر للنظر إلى عذاب القرمطي، وأقام الواثقي إلى وقت العشاء الآخرة في جماعة من أصحابه حتى ضرب أعناق باقي الأسارى، ثم انصرف، فلما كان يوم الأربعاء لست بقين من هذا الشهر صير ببدن القرمطي إلى جانب الجسر الأعلى من الجانب الشرقي فصلب هناك، وحفر لأجساد القتلى آبار إلى (١٩٤ - ظ) جانب الدكة فطرحوا فيها، وطمت، فلما كان بعد أمر بهدم الدكة وتعفية أثرها ففعل ذلك.
قال ابن أبي الأزهر في هذا التاريخ في حوادث سنة ثلاث وتسعين ومائتين:
وفيها ورد الخبر بأن أخا الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة ظهر بالدّالية من طريق الفرات في نفر واجتمع إليه جماعة من الأعراب وسار بهم إلى نحو دمشق،
فعاث في نواحيها، فندب للخروج إليه حسين بن حمدان فخرج في جماعة، وورد الخبر برجوعه إلى الدّالية.