فقالت: ما اسمك؟ فقلت: عثمان، فقالت: يا عثمان من أين خرجت، وأين تريد؟ فقلت: من بيت المقدس الى بعض قراها في حاجة، فقالت: كم بينك وبين أهلك ومنزلك؟ فقلت: ثمانية عشر ميلا، فقالت: إن هذه لحاجة مهمة؟ قلت: نعم، فقالت: ألا سألت صاحب القرية يوجه إليك بحاجتك ولا يعنّيك، قال عثمان:
فلم أدر ما تريد، فقلت: يا عجوز ليس بيني وبينه معرفة، فقالت: يا حبيبي وما الذي قطع بينك وبين معرفته في حال بينك وبين الاتصال به؟ قال عثمان: ففهمت ما قالت، فبكيت، فقالت: مم بكاؤك من شيء كنت تعلمه فتركته وذكرته؟ قلت:
نعم، فقالت: احمد الله عز وجل الذي لم يتركك في حيرتك، فقلت: يا عجوز لو دعوت الله عز وجل بدعوة، فقالت: بماذا؟ قلت: ينقذني من حب الدنيا، فقالت: امض لشأنك فقد علم المحبوب ما ناداه الضمير من أجلك، ثم قالت:
يا عثمان تحب الله عز وجل؟ قلت: أجل، فقالت: اصدقني ولا تكن كذابا، فقلت: والله إني أحب الله عز وجل، قالت: يا عثمان فما الذي أفادك من طرائف حكمته إذ أوصلك بها الى محبته؟ قال: فأمسكت لا أجيبها، فقالت: يا هذا عساك ممن يحب كتمان المحبة؟ قال: فأمسكت لا أدري ما أقول لها، فسمعتها تقول: يأبى الله عز وجل أن يدنس طرائف حكمته وخفي (٢١١ - ظ) مكنون محبته قلوب البطالين، ثم قالت يا عثمان أما والله لو سألتني عن محبة ربي لكشفت القناع الذي على قلبي وأخبرتك بمحبة سيدي وربي عز وجل: ثم استقبلت بوجهها الى القبلة وهي تقول: من أين لعقلي الرجوع إلهي، ومن أين لوجهي الحياء منك سيدي، إن لم تكن لي هلكت، وإن لم تكن معي في وحدتي عطبت، ثم استقبلتني بوجهها توبخني وهي تقول: يا عثمان، فقلت: لبيك، فقالت:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه … هذا وربي في الفعال بديع