للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٦

هَلْ عَسَيْتُمْ: هل ظننتم «١» إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا إذ كلّ ما في القرآن من (عسى) على التوحيد فهو على وجه الخبر، وما هو على الجمع فعلى الاستفهام.

٢٤٨ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ: إذ كانوا فقدوه فأتاهم به الملائكة «٢» .

فِيهِ سَكِينَةٌ: أي: في إتيانه بعد الافتقاد كما قال رسولهم.

وقيل «٣» : كانت فيه صورة يتيمّن بها في الخطوب والحروب.


(١) في مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٧٧، وتفسير الطبري: ٥/ ٣٠٠: «هل تعدون» .
قال السمين الحلبي في الدر المصون: ٢/ ٥١٦: «واعلم أن مدلول «عسى» إنشاء لأنها للترجي أو للإشفاق، فعلى هذا: فكيف دخلت عليها «هل» التي تقتضي الاستفهام؟
فالجواب أن الكلام محمول على المعنى» .
وقال الزمخشري في الكشاف: ١/ ٣٧٨: «والمعنى: هل قاربتم أن لا تقاتلوا، يعني: هل الأمر كما أتوقعه أنكم لا تقاتلون، أراد أن يقول: عسيتم أن لا تقاتلوا، بمعنى أتوقع جبنكم عن القتال، فأدخل «هل» مستفهما عما هو متوقع عنده ومظنون، وأراد بالاستفهام التقرير، وتثبيت أن المتوقع كائن وأنه صائب في توقعه كقوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ [سورة الإنسان: آية: ١] معناه التقرير» .
وأورد السمين الحلبي قول الزمخشري الذي تقدم ثم قال: «وهذا من أحسن الكلام، وأحسن من قول من زعم أنها خبر لا إنشاء، مستدلا بدخول الاستفهام عليها» .
(٢) هذا معنى قوله تعالى: تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ... الآية، وانظر هذه القصة في تفسير الطبري:
٥/ ٣٢١.
(٣) ينظر الأقوال في المراد ب «السكينة» في هذه الآية في تفسير الطبري: (٥/ ٣٢٦- ٣٢٩) ، وتفسير الماوردي: ١/ ٢٦٣، وتفسير البغوي: ١/ ٢٢٩، وزاد المسير: ١/ ٢٩٤، وتفسير ابن كثير: ١/ ٤٤٥.
وعقّب الطبري- رحمه الله- على هذه الأقوال بقوله: «وأولى هذه الأقوال بالحق في معنى «السكينة» ما قاله عطاء بن أبي رباح: من الشيء تسكن إليه النفوس من الآيات التي يعرفونها.
وذلك أن «السكينة» في كلام العرب «الفعلية» ، من قول القائل: «سكن فلان إلى كذا وكذا» إذا اطمأن إليه وهدأت عنده نفسه» .
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: ٢/ ٣٦١: «والصحيح أن التابوت كانت فيه أشياء فاضلة من بقايا الأنبياء وآثارهم، فكانت النفوس تسكن إلى ذلك، وتأنس به وتقوى ... » .

<<  <  ج: ص:  >  >>