للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ على التألم أو الاغتمام لمن يفسد، وعلى الاستعظام للمعصية مع جلائل النّعمة، أو على استعلام وجه التدبير فيه «١» أو على السؤال أن يكونوا الخلفاء فيسبحوه بدل من يفسد فقال الله: إني أعلم من صلاح كل واحد ما لا تعلمون فدلهم به على أنّ صلاحهم في أن اختار لهم السماء وللبشر الأرض، وفي قوله: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إشارة إلى أنّ ذلك الخليفة يكون من ذريته أهل طاعة [وولاية] «٢» ، وفيهم الأنبياء والعلماء، ولا تتم مصلحة الجميع إلا بما دبّرته من خلق من يفسد ويعصي معهم «٣» .

٣١ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها: أي: بمعانيها على اللّغات المختلفة «٤» ، فلما تفرّق ولده تكلّم كل قوم بلسان أحبوه وتناسوا غيره.

وتخصيص الأسماء لظهورها على الأفعال والحروف، كقوله «٥» :

وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ، ولم يكن التعليم بالعلم الضروري ولا/ [٥/ أ] بالمواضعة «٦» والإيماء تعالى الله عنه، بل بالوحي في أصول الأسماء والمصادر ومبادئ الأفعال والحروف عند حصول أول اللّغة بالاصطلاح ثم زيادة الهداية في التصريف والاشتقاق.

٣١ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ: أي: المسمّيات «٧» لقوله: أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ.


(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن: ١/ ١٠٩ وقال: «وتأويل استخبارهم هذا على جهة الاستعلام وجهة الحكمة، لا على الإنكار، فكأنهم قالوا: يا الله، إن كان ظننا فعرفنا وجه الحق فيه» .
(٢) في الأصل: وولادة، والمثبت عن نسخة «ك» و «ج» .
(٣) انظر تفسير البغوي: ١/ ٦١، والمحرر الوجيز: (١/ ٢٢٩، ٢٣١) ، وزاد المسير: ١/ ٦٠، وتفسير القرطبي: ١/ ٢٧٤، وتفسير ابن كثير: (١/ ٩٩، ١٠٠) .
(٤) انظر تفسير البغوي: ١/ ٦١، والمحرر الوجيز: ١/ ٢٣٥، وتفسير القرطبي: ١/ ٢٨٤.
(٥) سورة النور: آية: ٤٥.
(٦) المواضعة: الموافقة على النظر في الأمر، وفي القاموس: ٩٩٧: «وهلم أواضعك الرأي:
أطلعك على رأي، وتطلعني على رأيك» .
وينظر اللسان: ٨/ ٤٠١، وتاج العروس: ٢٢/ ٣٤٣ (وضع) .
(٧) قال الفراء في معاني القرآن: ١/ ٢٦: «فكان عَرَضَهُمْ على مذهب شخوص العالمين وسائر العالم، ولو قصد قصد الأسماء بلا شخوص جاز فيه «عرضهن» و «عرضها» . وهي في حروف عبد الله «ثم عرضهن» وفي حرف أبيّ «ثم عرضها» ، فإذا قلت: «عرضها» جاز أن تكون للأسماء دون الشخص وللشخوص دون الأسماء» .
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: ٤٦: أي عرض أعيان الخلق عليهم. وأخرج الطبري في تفسيره: ١/ ٤٨٧ عن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ثم عرضهم» ، ثم عرض الخلق على الملائكة.
وأخرج عن مجاهد: «ثم عرضهم» ، عرض أصحاب الأسماء على الملائكة.
وانظر المحرر الوجيز: ١/ ٢٣٥، تفسير القرطبي: ١/ ٢٨٣، تفسير ابن كثير: ١/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>