قال الحافظ في "الفتح" ٥/٢١٤: واختلاف الألفاظ في هذه القصة الواحدة يرجع إلى معنى واحد، وقد تمسَكَ به من أوجب التسوية في عطية الأولاد، ... ، وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة، فإن فضّل بعضاً، صحَّ وكره، واستُحبّت المبادرةُ إلى التسوية، أو الرجوع، فحملوا الأمر على الندب، والنهي على التنزيه. قلنا لكن قال ابن القيم في "تهذيب السنن" ٥/١٩١-١٩٣ بعد أن استوعب ألفاظ الحديث من مظانها: وقوله: "لا أشهد على جور" والأمر برده، وفي لفظ: "سو بينهم"، وفي لفظ: "هذا جور، أشهد على هذا غيري" ليس إذناً بل هو تهديد لتسميته إياه جوراً، وهذه كلها ألفاظ صريحة في التحريم والبطلان من عشرة أوجه تؤخذ من الحديث، ومنها قوله: "أشهد على هذا غيري" فإن هذا ليس بإذن قطعا، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأذن في الجور فيما لا يصلح وفي الباطل، فإنه قال: "إني لا أشهد إلا على حق"، فدل على أن الذي فعله أبو النعمان لم يكن حقاً فهو باطل قطعاً. فقوله إذن: أشهد على هذا غيري حجة على التحريم كقوله تعالى: (اعملوا بما شئتُم) ، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، أي: الشهادة ليست من شأني ولا تنبغي لي، وإنما هي من شأن من يشهد على الجور والباطل وما لا يصلح، وهذا غاية في الوضوح. وقال السندي: قوله: نُحْلة. بضم فسكون، مصدر نحلتُه، أي: أعطيتُه، والنحْلة بكسر فسكون: بمعنى العطية. أَشهِدْ: من الإشهاد. فكَرِه: لعدم التسوية بين الأولاد.