وإلى هذه الأحاديث ذهب طائفة من أهل العلم، فأجازوا للمُحرِم أكلَ ما صاده الحلال من الصيد مما يَحِلُّ للحلال أكلُه، منهم: عطاء ومجاهد وسعيد ابن جبير، وهو قول عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، والزُّبير بن العوام، وأبي هريرة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقالت طائفة أخرى: إن لحم الصيد مُحرَّمٌ على المُحرِمين على كلِّ حال، ولا يجوز لمُحرِم أكلُ لحم صيد البَتَّةَ، منهم: ابن عباس وعلي بن أبي طالب وابن عمر، وكره ذلك طاووس وجابر بن زيد، وروي عن الثوري والليث وإسحاق مثل ذلك. وحجة من ذهب هذا المذهب أحاديث، منها: حديث ابن عباس، وقد سلف في مسنده برقم (٢٥٣٠) ، ولفظه: قال أُهدي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجُزُ حمار -أو قال: رِجْل حمار- وهو مُحرِمٌ، فرَدَّه. وإسناده صحيح. وحديث الصَّعْب بن جَثَّامة الليثي، سلف في مسنده برقم (١٦٤٢٣) ولفظه: أن الصَّعْب بن جَثَّامة أَهْدى إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالأَبْواء أو بوَدَّان حماراً وحشيّاً، فردَّه عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رأى ما في وجهه قال: "إنا لم نَرُدَّ عليك إلا أنا حُرُمٌ". وإسناده صحيح وهو في "الصحيحين". وحديث زيد بن أرقم، سلف في مسنده برقم (١٩٢٧١) ولفظه: أن زيد ابن أرقم قَدِمَ، فقال له ابن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم أهدِيَ للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حرام؟ قال: نعم، أَهْدى له رجل عُضواً من لحم صيد، فردَّه، وقال: "إنا لا نأكلُه، إنا حُرُم"، وإسناده صحيح. وحديث عائشة، سيأتي برقم (٢٤١٢٨) و (٢٥٨٨٢) ، ولفظه: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهدي له وَشِيقةُ ظَبْي وهو مُحرِمٌ، فرَدَّها. وهو صحيح إن ثبت سماع الحسن بن محمد بن علي من عائشة. =