للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تخدعنك وجنة محمرة … رقت ففي الياقوت طبع الجلمد

فقال: من هذا أخذ ابن منير حيث يقول:

خدع الخدود تلوح تحت صفائها … فحذارها إن موهت بحيائها

تلك الحبائل للنفوس وإنما … قطع الصوارم تحت رونق مائها

فقلت له: هذا شعر جيد، وأنت لأهل الفضل سيد، فاحكم لنا كيف كان في الشعر، وهل كان قادرا على المعنى البكر؟ فقال: كان مغوارا على (٧٦ - ظ‍) القصائد يأخذها ويعول في الذب عنها على ذمّه للناقد أو للجاحد.

قال: وسمعت زين الدين ابن نجا الواعظ‍ الدمشقي يذكره ويفضله ويقرظه ويبجله، ويقول: ما كان أسمح بديهته، وأوضح طريقته، وأبرع بلاغته، وأبلغ براعته ورأيته يستجيد نثره ويستطيب ذكره، ويحفظ‍ منه رسائل مطبوعة، يتبع له في الاحسان طرائق متبوعة، ويقول كانت الجمهرة على حفظه، وجّمة المعاني تتوارد من لفظه، ويصف ترفعه على القيسراني، واستنكافه في الوقوع في مرعى مناقضته، ولقد كان مقيما بدمشق الى أن أحفظ‍ أكابرها، وكدر بهجوه مواردها ومصادرها، فأوى الى شيزر، وأقام بها وروسل مرارا بالعودة الى دمشق، فضرب بالرّد وجه طلبها وكتب رسائل في ذم أهلها، وبين عذره في تنكب سبلها، واتصل في آخر عمره بخدمة نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، ووافى الى جلق رسولا من جانبه قبل استيلائه عليها، وتملكه لها، وارتدى عنده من الوجاهة والكرامة حللها، ومحاسن أبي الحسين بن منير منيرة، وفضائله كثيرة، وذكر مجد العرب العامري بأصفهان لما سألته عن شعراء الشام فقال:

ابن منير ذو خاطر منير، وله شعر جيد لطيف، لولا أنه يمزجه بالهجو السخيف قال: وأنشدني يوما قصيدة له، فما عقدت خنصري الا على هذا البيت.

أنا حزب والناس والدهر حزب … فمتى أغلب الفريقين وحدي (٧٧ - و)

شعره ككنيته حسن، ونظمه كلقبه مهذب، أرق من الماء الزلال، وأدق من السحر الحلال وأطيب من نيل الأمنية، وأعذب من الأمان من المنية، وقع القيسراني

<<  <  ج: ص:  >  >>