في مباراته ومعارضته ومجاراته في مضمار القريض ومناقضته، فكأنهما جرير العصر وفرزدقه، وهما مطلع النظم ومشرقه، وشى بالشام عرفهما، وفشا عرفهما، وكثر رياشهما وتوفر معاشهما، وعاشا في غبطة ورفعة وبسطة، وكنت أنا بالعراق أسمع أخبارهما، ثم اتفق انحداري الى واسط سنه اثنتين وخمسين وخمسمائة فانحدر بعض الوعاظ الشاميين اليها طالبا منتجعا جدوى أعيانها، راغبا في احسانها، فسألته عنهما، فأخبر بغروب النجمين وأفول الفرقدين في أقرب مدة من سنتين، قال:
واتفق انتزاح ابن منير من دمشق بسبب خوفه من رئيسها ابن الصوفي، ومقامه بشيزر عند بني منقذ (١).
قرأت بخط مؤيد الدولة أبي المظفر أسامه بن مرشد بن علي بن منقذ في جزء كتبه لابن الزبير بأسماء جماعة من الشعراء، سأله عنهم ليودع ذكرهم كتابه المعروف «بجنان الجنان ورياض الأذهان» قال: ومنهم شرف الأدباء أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي، أوحد عصره، ولسان دهره، تأخر زمانه وتقدم فضله وبيانه، فهو زهير الفصاحة، وابن حجاج الملح والطرافة، في أشعاره لطافة تستخف القلب، وتملك السمع وكل فن من فنون الشعر يقصده يستولي على محاسنه (٧٧ - ظ) وفنونه، ويحرز أبكار معانيه وعونه، فمن شعره في الغزل.