حدثني الحكيم نافع بن أبي الفرج بن نافع الحلبي وكان شيخا مسنا قال:
كنت يوما مع أبي الحسين بن منير وقد مر به غلام حسن الصورة يقال له عمر بوبلة، وكان من أحسن الناس وجها، وأدركته أنا وقد هرم وهو يستعطي، قال: فناوله ابن بوبلة وردة ومضى، قال: فارتجل أبو الحسين بن منير:
كأنما قطفت من خد مهديها … كأنما قطفت من حد مهديها
رقت فراقت فأحيت قلب ناشقها … كأن عبقة فيه أفرغت فيها
وأنشدنا نافع بن أبي الفرج قال: أنشدني ابن منير لنفسه:
أصغى لهينمة الواشي فقال: سلا … وكاذب في الهوى من يحتوي العذلا
كان الصبا مزنة هبت عليه صبا … هز الصلا مرها ثم استحال صلا
وتمامها نذكره ان شاء الله تعالى في ترجمة الحكيم نافع.
أنشدني الرئيس بهاء الدين أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن الخشاب قال: أنشدنا الشيخ الرئيس أبو زكرى يحيى بن سعد بن ثابت الحلبي قال: أنشدني مهذب الملك أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الأطرابلسي (٧٨ - ظ) لنفسه في سنة ست وأربعين وخمسمائة:
جعل القطيعة سلما لعتابه … متجرم جان على أحبابه
ما زال يضمر غدره متعللا … بوشاته متسترا بكذابه
حتى تحدث ناظراه فحللا … ما كان أوثق من عرى أعتابه
والله لولا ما يقوم بنصره … من نار وجنته وماء شبابه
لأبحت ما حظر الهوى من هجره … ليصح أو حرمت حل رضا به
ولكان من دين المروءة تركه … فالصبر أعذب من أليم عذابه
حتام أقبل وهو ثان عطفه … والحب يحملني على استجذابه
وأقول: غرّ ظن غي وشاته … رشدا فأرجو أن يضيق لما به