قرأت بخط أبي الحسين أحمد بن منير في رقعة كتبها الى جدي أبي الفضل هبه الله بن محمد بن أبي جرادة يقتضيه موعده بإعارة كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي أبي الحسن الجرجاني:
يا حائزا غاي كل فضل … تضلّ في كنهه الإحاطه (٧٩ - ظ)
ومن ترقى الى محلّ … أحكم فوق السها مناطه
الى متى أوسط التمني … ولا ترى المنّ بالوساطه
أخبرني تاج الدين أبو المعالي الفضل بن عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال:
سمعت الوجيه بن أبي القاسم الحنيك يحكي قال: كان ابن منير مقيما بشيزر في جوار صاحبها أبي العساكر سلطان بن منقذ، فخلع عليه ابنه يوما ثوبا فاخرا، واتفق أنه دخل ذلك اليوم مع أبي العساكر الى الحمام فأخذ رجله يحكها، فدخل عليه حاجبه وقال له: الأمير فلان ولدك يطلب منك الثوب الفلاني وأشار الى ثوب فاخر له، فقال له: أعطه، وقل له: لا تعطه لنحس آخر، ثم ارتأى على نفسه ورأى ابن منير فاعتذر إليه وقال له: والله ما خطر لي أنك هاهنا، فرمى برجله وقال: والله إنك أمير نحس، فاحتملها ابن منقذ منه ولم يبد له ما يكره.
سمعت والدي رحمه الله يقول: كان بلغ نور الدين محمود بن زنكي أن ابن منير يسب الصحابة، فقال له يوما: ما تقول في الشيخين؟ فقال: مدبران ساقطان سفلتان، فقال نور الدين وقد غضب: من هما ويلك؟ قال: أنا والقيسراني، فسرّي عنه وضحك.
ذكر أبو يعلى بن القلانسي في تاريخه المذيل به على تاريخ دمشق: أن ابن منير توفي في جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعين وخمسمائة (١). (٨٠ - و).
وأنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: وبلغني أن أبا الحسين بن منير مات بحلب في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة في جمادى الآخرة.