للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقع إليّ نسخة من شعر ابن منير بخط‍ أبي المكارم عبد الوهاب بن سالم بن أبي الحسن وبخطه، في آخره وجدت على ظهر الأصل المنقول منه هذا الديوان أن الشيخ أبا الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح مرض بحلب في دار ابن عسرون يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بالمائتنرا (١)، وكان سببه أنه أكل تينا أخضر وجلس في الشمس ففصد في الحال، وورم وجهه وبقي الى يوم الأربعاء العشرين من جمادى، وتوفي الى رحمة الله وصلي عليه بالجامع، ودفن بظاهر باب قنّسرين بالقرب من تربه مشرق رحمه الله.

قلت يعني مشرق بن عبد الله العابد، ورأيت قبر ابن منير من قبلي قبر مشرق وبينهما بعد، وعلى قبره بيتان من شعر ذكر لي أنه قالهما حين احتضر، وأوصى أن يكتبا على قبره فنقشا على أحجار قبره وهما:

من زار قبري فليكن موقنا … أن الذي ألقاه يلقاه

فيرحم الله امرأ زارني … وقال لي يرحمك الله

ولما حرر السلطان الملك الظاهر رحمه الله خنادق حلب ووضع (٨٠ - ظ‍) ترابها على المقابر القريبة منها خارج باب قنسرين خاف الحكيم نافع بن أبي الفرج ابن نافع أن يوضع التراب على قبر ابن منير فيمحى ويدرس أثره، فنبشه ونقل عظامه وحوّل قبره الى سفح جبل جوشن بالقرب من مشهد الحسين، وقبره الآن ظاهر هناك، وكان في تربة بني الموصل بالقرب من قبر ابن أبي نمير العابد.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط‍ صديقنا أبي اسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد القيسي وكان صديقا لابن منير وعنده اختفى لما اختفى بمسجد الوزير قال: حدثني الخطيب السديد أبو محمد عبد القاهر بن عبد العزيز خطيب حماة قال:

رأيت أبا الحسين بن منير الشاعر في النوم بعد موته وأنا على قرنة بستان مرتفعة، فسألته عن حاله وقلت له: اصعد الى عندي فقال: ما أقدر من رائحتي، فقلت:

تشرب الخمر؟ قال: شر من الخمر يا خطيب، فقلت: ما هو؟ فقال: تدري ما جرى


(١) -لم أجد في كتب الطب من ذكر هذا المرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>