للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي من هذه القصائد التي قلتها في مثالب الناس؟ فقلت له: ما جرى عليك منها؟ فقال: لساني قد طال وثخن وصار مدّ البصر، وكلما قرأت قصيدة منها قد صارت كلاّبا يتعلق في لساني، وأبصرته حافيا عليه ثياب رثّة الى غاية، وسمعت قارئا يقرأ من فوق: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ} (١) الآية، ثم انتبهت مرعوبا (٢). (٨١ - و)

حكى لي أبو طالب القيّم، وكان شيخا مسنا عندنا بحلب، وكان أولا قيما بالمسجد الجامع بحلب، ثم صار قيما بمدرسة شاذبخت (٣) النوري رحمه الله، والعهدة عليه، قال: لما مات ابن منير خرجنا جماعة من الأحداث تنفرج بمشهد الحف فقال بعضنا لبعض: قد سمعنا أنه لا يموت من كان يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما إلا ويمسخه الله في قبره خنزيرا، ولا نشك أن ابن منير كان يسبّهما، وأجمع رأينا على أن نمضي الى قبره تلك الليلة وننبشه لنشاهده، قال لي: فمضينا جميعا ونبشنا قبره فوجدنا صورته صورة خنزير ووجهه منحرف عن القبلة الى جهة الشمال وكان معنا ضوء فأخرجناه على شفير قبره ليشاهده الناس، ثم بدا لنا فأحرقناه ووضعناه في القبر وأعدنا التراب عليه، هذا معنى ما حكاه لي أبو طالب القيّم والله أعلم.

وقال شيخنا بدر الدين يونس بن محمد بن محمد بن محمد الفارقي بدمشق:

مات ابن منير سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وهذا وهم اشتبه عليه ما قبل الخمسين بسنتين بما بعدها بثلاث والصحيح ما ذكرناه أولا أن وفاته كانت في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة (٤). (٨١ - ظ‍).


(١) - سورة الزمر-الآية:١٦.
(٢) -تاريخ دمشق:٢/ ١٢٧ ظ‍.
(٣) -في موقعها الآن جامع الشيخ معروف. انظر الآثار الاسلامية والتاريخية في حلب:٧٢ - ٧٣.
(٤) -جمع عمر عبد السلام التدمري شعر ابن منير واثبت معظمه في ترجمته له في كتابه الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى-ط‍. بيروت ١٩٧٢ ١٠٤ - ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>