للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهدموا أبنيتها، ووصل طغر لبك الى بغداد في شهر رمضان من سنة سبع وأربعين وأربعمائة، ومضى البساسيري على الفرات الى الرحبة، وتلاحق به خلق كثير من الاتراك البغداديين، وكاتب صاحب مصر (١) يذكر له كونه في طاعته، وأنه على اقامة الدعوة له بالعراق، فأمده بالاموال وولاه الرحبة.

وأقام طغر لبك ببغداد سنة الى أن خرج منها الى الموصل، وأوقع بأهل سنجار وعاد الى بغداد، فأقام بها مدة، ثم رجع الى الموصل، وخرج منها متوجها الى نصيبين ومعه أخوه ابراهيم ينال، وذلك في سنة خمسين وأربعمائة، فخالف عليه أخوه ابراهيم، وانصرف بجيش عظيم معه يقصد الري، وكان البساسيري راسل ابراهيم يشير عليه بالعصيان لأخيه ويطمعه في (١٩٨ - ظ‍) الملك والتفرد به، ويعده بمعاضدته ومضافرته عليه، فسار طغر لبك في إثر أخيه ابراهيم، وترك عساكره، فتفرقت، غير أن وزيره المعروف بالكندري وربيبه أنو شروان وزوجته خاتون وردوا بغداد بمن بقي معهم من العسكر في شوال من سنة خمسين وأربعمائة، واستفاض الخبر باجتماع طغر لبك مع أخيه ابراهيم بهمذان، وأن ابراهيم استظهر على طغرلبك، وحصره في مدينة همذان، فعزمت خاتون وابنها أنوشروان والكندري على المسير الى همذان لإنجاد طغرلبك، واضطرب أمر بغداد اضطرابا شديدا، وأرجف المرجفون باقتراب البساسيري، فبطل عزم الكندري على المسير فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها لتركهما مساعدتها على انجاد زوجها، ففرا الى الجانب الغربي من بغداد، وقطعا الجسر وراءهما. وانتهبت دارهما، واستولى من كان مع خاتون من الغز على ما تضمنتا من العين (٢) والثياب والسلاح وغير ذلك من صنوف الاموال، ونفذت خاتون بمن ضوى اليها، وهم جمهور العسكر، متوجهة نحو همذان وخرج الكندري وأنو شروان يؤمان طريق الاهواز، فلما كان يوم الجمعة السادس من ذي القعدة تحقق الناس كون البساسيري بالانبار، ونهضنا الى صلاة الجمعة بجامع المنصور فلم يحضر الإمام واذن المؤذنون بالظهر ونزلوا من (١٩٩ - و) المئذنة، فأخبروا أنهم رأوا عسكرا للبساسيري حذاء شارع


(١) -الخليفة المستنصر الفاطمي (٤٢٧ - ٤٨٧/ ١٠٣٦ - ١٠٩٤).
(٢) -النقود لا سيما الذهبية منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>