للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأما أهل البلد وأولاد المجاهدين وأولاد الغلمان وأولاد خراسان فكانوا من الاخلاق (٦١ - ظ‍) السمحة، والنفوس الكريمة، والهمم العالية والمحبة للغريب على ما ليس عليه أحد، ولكنهم كانوا في تقية من هؤلاء الأوباش، فهذا الاكثر من حال طرسوس.

وأما ما سوى ذلك من مدن الثغر فعلى هذا الوصف وهذا النعت، وخاصة المصّيصة.

قال: وكان يعمل بها-يعني بالثغور-ثياب كان تسمى الشفايا مثل رفيع الدبيقي (١) تحمل الى كل بلد، وبالثغر زبيب لا عجم فيه كالقشمش، ويقطع الى الثغور الجارح من بلد الروم، فتؤخذ فيه البزاة الفرّه، وقد كان في جبال الثغر أيضا أوكار للجارح والكلاب السلوقية الموصوفة من بلاد سلوقية.

فهذه أحوال الثغر ومن فيه ولم تزل أحواله تجري على الانتظام والرخاء والسلامة والغزو متصل والمعايش رغده، والسبل آمنه ما دام الغزاة اليهم من العراق ومن مصر متصلين، فلما زهد الناس في الخير، وقع بينهم في نفوسهم من التنافس والتحاسد والغل ما وقع، وخاصة بين الغلمان الثمليّة، وابن الزيات، والمعروف بسيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان.

وقرأت بخط‍ أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي (٢) في كتاب سير الثغور، وضعه للوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل، فذكر فيه صفة طرسوس، فقال: مدّت طرسوس على سورين في كل سور منها خمسة أبواب حديد، فأبواب السور المحيط‍ بها حديد ملبس وأبواب السور المتصل بالخندق حديد


(١) -نسبة الى دبقا من قرى مصر قرب تنيس تنسب اليها الثياب الذبيقه على غير قياس، معجم البلدان، مادة دبقا.
(٢) -ذكره ياقوت في معجم الادباء، وبين انه توفي في كفر طاب حوالي سنة ٤٠٠ هـ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>