مصمت، فالسور الاول الذي يلي المدينة مشرّف تعلوه ثمانية آلاف شرافه، فيها مرتبة عند الحاجة الى الحرب عنها رجال يرمون عن ستة عشر ألف قوس رمية رجل واحد، وفي هذا السور من الابراج مائة برج سواء، منها ثلاثة أبرجة للمجانيق الحرري (١)، وعشرون برجا للمجانيق الكبار، وعشرون برجا للعرادات، وسائرها لقسي الرجل، وهذه الابرجة التي ذكرناها فهي ملك لاربابها، ومساكن لمتأهلين وعزّاب، وبعضها مرسوم بعمل الورق والكاغد، وهو مما يلي زاوية الحبالين.
قال: فأما برج باب قلميه المبني عن يمين الخارج منه فموسوم بتفرقة أعشار غلات ضياع طرسوس، متى ورد منها عشرة أحمال أو رواحل أو عجل، حط واحد من عشرة وأطلق له تسعه، يقبل قوله فيه، فإذا اجتمع أطلق منه لأهل الشرف أبناء المهاجرين والأنصار على رسم جريدة أمر بانشائها المأمون عبد الله بن هرون الرشيد رحمهما الله،؛ يتوارث ما ثبت في تلك الجريدة أهل الشرف المقيمون بطرسوس، ويجري بينهم مجرى الميراث، يأخذه خلفهم عن سلفهم، وإن طرأ طرسوس غريب من أبناء المهاجرين والأنصار دفع إليه مقدار كفايته، وكفاية جملته إن كان ذا عيال أو ذا جملة شريفة. ويفض منه على الشيوخ المسجدية رسما لا ينقطع عنهم في كل سنة عند قبض الأعشار من الغلات، لكل شيخ منهم ستة أمداء بالمدي الطغاني الذي يبلغ كل مدي منه أربعة عشر مكوكا (٦٢ - ظ) بالمكوك الطرسوسي، مبلغ المكوك منه زيادة على المكوكين بالبغدادي المعدّل، ويفض منه على الأدلاء المؤلفه قلوبهم من الروم والأرمن وأولادهم بحسب ما يراه السلطان بطرسوس من حسن النظر لهم ولمن يتجدّد منهم، ويجعل ما يفضل عما وصفناه من الحنطة للخباز المقام لقوت الأعلاج المحبوسين في سجن طرسوس؛ وما ورد من الشعير برسم العشر أطلق للأدلاء المؤلفة قلوبهم رسما على مقدار كراعهم قضيما لها في كل سنة، وحمل سائره لقضيم بغال الساقه أولا أولا، فإن
(١) -لم اهتد الى ما يساعد على ضبط وشرح هذه الكلمة.