فضل من القمح شيء عما وصفناه وذكرناه من وجوهه بيع بسعر وقته وصرف في مهمات البلد، وسنذكرها في أماكنها إن شاء الله.
قال: وما وقع في هذا البرج من غلاّت القطاني (١) كلها مع ما ينضاف إليها من زيتون وكمون وبزر فجل وبزر كتان وسمسم وترمس وأرز، بيع كل صنف منه بسعره وأضيف إلى راتب البلد.
قال: وكان في هذا السور قديما، وقد رأيناه رأي عين، أثر خمسة وعشرين بابا، منها خمسة أبواب مفتوحة مسلوكة معروفة، وهي: باب الشام، وباب الصفصاف، وباب الجهاد، وباب قلمية، وباب البحر، وسائرها مسدودة.
وقال: سمعت أبا الربيع سليمان بن الربيع الجوزاني، شيخا كبيرا كان أقام بحصن الجوزات زيادة على أربعين سنة مجاهدا يذكر أن جيشا لجبا خرج عن طرسوس غازيا في زيادة على عشرين ألف فارس وراجل من باب المسدود (٦٣ - و) فأصيبوا عن آخرهم في بلد الروم، واستشهدوا رحمة الله عليهم، ولم يعد منهم إلى طرسوس مخبرّ، فأجمع رأي أهل طرسوس على سدّه تشاؤما به.
قال: وقد رأيته مفتوحا، وهو ما بين زاويه الحبّالين وباب الجهاد عند آخر شارع النجارين، تصل به الدار الكبيرة التي بنيت للسيدة أم المقتدر بالله رحمهما الله، وليس بطرسوس ولا بالثغر كله دار أكبر منها، وبرسم هذه الدار صناع معروفون من أهل سوق السلاح لتدبير جوانبها، ورم شعث سلاحها وجلاء دروعها وسيوفها في كل سنة مرة أو مرتين.
وكان يركب من هذه الدار إلى الجهاد في سبيل الله مائة وخمسون غلاما بجنائبهم ومن ضامّهم، ويروسهم رجل منهم على رأسه مطارد تعرف بهم متى
(١) -القطاني اسم جامع للحبوب التي تطبخ، وذلك مثل العدس والباقلاء واللوبياء والحمص والارز والسمسم وليس القمح والشعير. (المصباح المنير).