فله الحمد إذ قضاه علينا … منزل القطر من متون السحاب (١)
فلما بلغ أبو العتاهية إلى قوله:
أكل الدود من وجوه حسان.
بكى هرون الرشيد، وقال له لما فرغ منها: قل في هذا المعنى.
قال: وكنا رؤساء المكثرين ثلاثة، فأمر لنا بعشرة آلاف درهم، فلم نزل نكثّر بهذه الأبيات حول قبته طول ليلته.
وذكر أبو عبد الله المرزباني فيما قرأته في كتاب المستنير قال: حدثنا أبو عبد الله الحكمي، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن موسى البربري قال: حدثني محمد بن صالح العدوي قال: أخبرني أبو العتاهية قال: كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلاّلات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوما لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعرا لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعرا في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعرا للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعرا (١٦٧ - و) يحزن به ولا يسره، فعملت شعرا ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فلما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون: