للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو بن معاوية اثنتين وعشرين سنة، ثم ملك حجر بن عمرو آكل المرار ثلاثة وعشرين سنة، وهو الذي حالف بين كندة وربيعة بالربائث، وهو موضع، ثم ملك عمرو بن حجر أربعين سنة وغزا الشام ومعه ربيعة فلقيه الحارث بن شمر فقتله، فملك بعده المحارب بن عمرو، وامه ابنة عوف الشيباني، ونزل الحيرة ففرق ملكه على ولده وهم:

حجر، وشرحبيل وسلمة والعلفاء، فملك حجر بني أسد وكنانة، وملك شرحبيل على غنم وطيئ والرباب، وملك سلمة والعلفاء على قيس عيلان، فقتل الحارث وقام ولده بما كان في أيديهم وصبروا على قتال المنذر حتى كافؤوهم، فلما رأى المنذر ذلك (٣٠٦ - و) نفسهم فغلبهم على أرض العرب، وأوقع الشرور بينهم فاختلفوا وتنكرت بنو أسد لحجر بن الحارث وساءت سيرته فيهم، وكانت عنده أخت كلب بن ربيعة ومهلهل بن ربيعة، فلما خاف على نفسه حملها فاجتمعت بنو أسد على قتله وقتلوه (١)، وكان القائم بأمر بني أسد علباء بن الحارث التغلبي، وكان امرؤ القيس غائبا، فلما بلغه مقتل أبيه جمع جمعا قصد به بني أسد، ونزل بالقرب منهم في الليل فذعر القطا فطار عن مجاثمه، فمر ببني أسد فقالت بنت علباء:

ما رأيت كالليلة قطا أكثر، فقال علباء: ولو ترك القطا لغفا، وناما، فأرسلها مثلا، وعرف أن جيشا قد قرب منه فارتحل، وأصبح امرؤ القيس أوقع بكنانة، فأصاب فيهم وجعل يقول يا ثارات حجر، فقالوا: والله ما نحن بثاراك، نحن من كنانة، فقال:

يا لهف نفسي على قوم هم … كانوا الشفاء فلم يصابوا

وقاهم جدهم ببني أبيهم … وبالاشقين ما كان العذاب

وفلّتهن علباء حريصا … ولو أدركته صفر الوطاب (٢)

ومضى امرؤ القيس الى اليمن، لما لم يكن له قوة على بني أسد ومن معهم من قبائل قيس فأقام زمانا يشرب مع ندامى الشرب، الى أن سمع من يعيرة بقتل أبيه


(١) -كثرت الابحاث الحديثة حول تاريخ كندة، وجرت أعمال تنقيب في عاصمتها الفاو-القرية-وأفضل الابحاث حولها ما جاء في كتاب العرب على حدود بيزنطة وايران لنينا فكتور فنابيغو ليفسكيا-ترجمة عربية-ط‍. الكويت ١٥٣:١٩٨٥ - ١٨٧.
(٢) -ديوانه:٧٨. وصفر الوطاب أراد أنه لو أدرك علباء لترك جسمه صفرا من دمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>