للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أن قلبك لما قيل قد بانوا … يوم النوى صخرة صماء صوان

لعيل صبرك مغلوبا ونم بما … أخفيته مدمع للسر صوان

زجرت أشياء في أشياء تشبهها … اذ بينهن رضاعات وألبان

فقال لي الطلح (١) … يوم طالح ونوى

وحقق البين عندي ما وأى (٢) البان

واستحلبت حلب جفني فانحلبا … وبشرتني بحر القتل حران

فالجفن من حلب ما انفك من حلب … والقلب بعدك من حران حران

قال: وذكر لي رحمه الله أن ابن أسد عبر من ميافارقين طالبا حلب، ثم عاد منها، فلما وصل الى حران أخذه المتولي بها يومئذ بحران فصلبه لما بلغه عنه من أشياء نقمها عليه، وكان يقول: عجبنا منه كيف جرى على لسانه في شعره مثل ما جرى له.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي-إجازة- قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في خريدة القصر قال: الحسن بن أسد حسن القول أسده فارس (١٦٩ - و) النظم أشده، ذو اللفظ‍ البليغ والمعنى البديع، والخاطر السريع، والكلام الصنيع، فلفظه عقد، ومعناه ليس بمعقد، وجوهر صنعته في سلك الفضل غير مبدد، فلله در ذا الصانع ذي الدر الناصع الذي تنصع جلود الحساد منه في المناصع (٣)، اليوم عدو ابن أسد ساء نبأ، ودعم ويلا، وحسوده جر من الخجل ذيلا، وفر من الوجل ليلا، حيث أحييت ذكره بإطرائي إياه، وكدر ملؤه الصافي في منبع الفضل فأجريناه، وفي معين عين هذا الكتاب أنبعناه، وفي سوق الكساد ما بعناه، أقدم أهل العصر زمانا، وأقومهم بهذا الشعر صنعة وبيانا، كان في زمان نظام الملك (٤) وملكشاه (٥)، وشمله منهما الجاه بعد أن قبض عليه واسئ إليه، فإنه كان متوليا على آمد وأعمالها


(١) -الطلع شجر عظام، والجمل المصاب باعياء. القاموس.
(٢) -وأى: وعد وضمن. القاموس.
(٣) -أي تقشعر جلود الحساد في المحافل. وكتب ابن العديم في الهامش: يقرأ مقلوبا.
(٤) -أشهر وأعظم وزراء السلطنة السلجوقيه، له ترجمة جيدة في آخر هذا الجزء.
(٥) -وصلت السلطنة السلجوقية ذروة توسعها في أيامه، توفي سنة ٤٨٥ هـ‍ / ١٠٩٢ م دون أن يبلغ الاربعين من عمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>