ثم انتقل الى دمشق، وأكرمه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، وجعل له معلوما من البر، وكان يغشى بها قاضي القضاة كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله بن الشهرزوري ولم يزل كذلك حتى مات نور الدين محمود بن زنكي، فقطع وزيره أبو صالح عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي معلومه (١) فهجاه، وقصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ومدحه، فنفق عليه وأكرمه وزاد في اكرامه وبره، ثم رجع الى الموصل، وحدث بشيء يسير من مسموعاته، وكان بينه وبين العماد الكاتب مودة أكيدة ومؤانسة ومكاتبة بالشعر والنثر.
قال لي الفقيه عماد الدين اسماعيل بن باطيش: ان مولد العلم الشاتاني في سنة خمس عشرة وخمسمائة.
وأنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: ذكر لي-يعني-الشاتاني أن مولده سنة عشر وخمسمائة بقلعة شاتان (٢٠٢ - ظ).
سمعت شيخنا أبا الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري قال:
أخبرني أبي قال: كان العلم الشاتاني يمدح مجاهد الدين قايماز، وكان محسنا اليه، فلما قبض على مجاهد الدين هجاه الشاتاني، فأطلق مجاهد الدين من الاعتقال، فقطع جاري العلم الشاتاني الذي كان له على جامع الموصل، فدخل عليه وأنشده أول قصيدة عملها:
كفاني عقابا ما جنيت على نفسي.
فقال له مجاهد الدين قايماز: حسبك لا تزد على هذا فلو أنك امرؤ القيس ما أتيت في الاعتذار بأبلغ من هذا، ثم عفا عنه، وأطلق جاريه على ما كان.
أنشدني أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحدوس الموصلي قال: أنشدنا علم الدين الحسن بن سعيد الشاتاني لنفسه:
قلت ثقلت اذ أتيت مرارا … قال: أثقلت كاهلي بالأيادي
قلت: طولت قال: أوليت طولا … قلت: أبرمت قال: حبل الوداد