رائق يجيئنا على غفلة الى مصر فأشار أبو محمد بحفظ فاقوس وبلبيس يخرج الساعة الى فاقوس ثلاثة آلاف فارس وراجل والى بلبيس مثلها وتزاح عللهم، ويكونون على غاية اليقظة ولا ينامون الليل، ويحفظون هذه المواضع، قال الحسين بن طاهر فعجبت من فطنته وكتبت الى أخي: قد أعفاك من ضمان فاقوس وبلبيس وضمنها ممن يقرر عليهما، لان الحسن بن طاهر كان يتقي محمد بن رائق أن تقع كتبه في يديه فانها وقعت في يده مرة، فحدثني سليمان بن الحسن بن طاهر قال: أرسل محمد ابن رائق الى أبي فركب وأخذني معه فدخل عليه وهو مقطب، فلما جلس لم يكن منه إليه الانبساط الذي يعرفه فقال له: ايش خبر الأمير (٢٤٣ - و) فقال: قد وقعت في أيدينا كتبك الى محمد بن طغج، قال: مع من؟ قال: مع صاحبك المعروف بالزطّي فقال: سبحان الله ما أصاب الأمير الدين ولا السياسة، فأما الدين فنهى جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلع أحد في كتاب أخيه بغير أمره، والسياسة انخراق الهيبة، أفليس يعلم الامير أني جئته من قبل محمد طغج، أفلي بد من مكاتبته وتعظيم أمره في غيبته وأن أطلعه على ما يحتاج اليه، فهذه رسل الأرض فايش يقول الأمير في رسل السماء؟ قد والله كتبت مع الطائر أكثر من هذا، وأستودع الله الامير ما يراني بعدها، فأخذ بذيله وما زال يرفق به ويترضاه ويقول له: أنت أولى من احتمل، وكان شريفا قوي النفس جريئا في خطابه وأكثر نعمته اكتسبها في هذه الوساطة بين هذين الرجلين.
وذكر ابن زولاق في هذا الكتاب في حديث اجتماع الاخشيذ والمتقي على الرقة قال: وطلب منه المتقي الحسن بن طاهر الحسيني فأدخله اليه، وكنى المتقى الحسن بن طاهر في مجلسه وعطس المتقي فشمته الحسن بن طاهر فقال المتقي:
يرحمك الله أبا محمد.
قلت: وهذا من المتقي زيادة عظيمة في الحرمة فان الخليفة كان لا يكنى أحدا حتى انه بلغني أنه قال في هذه النوبه للاخشيد: كيف أنت يا أبا بكر فاستعظم الإخشيد ذلك، وكتب الى نائبه بمصر وقال له: أكرمني أمير المؤمنين وكناني وقال لي: كيف أنت يا أبا بكر؟. (٢٤٣ - ظ).