سنة ثمان وعشرين، وذكر أن الإخشيذ رد مزاحم بن محمد بن رائق حين سيره ابن رائق اليه بعد أن أحسن اليه مع الحسن بن طاهر الى أبيه، وزوج الإخشيد ابنته فاطمة من مزاحم بن محمد بن رائق، تولى ذلك أبو محمد الحسن بن طاهر، وان الحسن بن طاهر سفر في الصلح بينهما وقرر الأمر، وسيأتي ذكر ذلك مستوفى في موضعه ان شاء الله تعالى. وذكر ابن زولاق أيضا في سيرة الإخشيذ هذه: قال وورد في سنة تسع وعشرين نعي أبي علي عبيد الله بن طاهر والد مسلم، فلم يتأخر عن تعزيته أحد وكان الحسن بن طاهر أخوه عليلا فكتم ذلك عنه، فركب الإخشيذ الى أبي جعفر مسلم فعزاه وسقاه الشراب، ثم سأل: هل علم أبو محمد الحسن ابن طاهر بوفاة أخيه؟ فقالوا: لا، فركب إليه عائدا وعزاه.
قال ابن زولاق: وكان الحسن بن طاهر قد خدم الإخشيذ وناب عنه، وكان السفير بينه وبين محمد بن رائق وانتقع معهما، حتى بلغ ارتفاع أملاكه مائة ألف دينار سوى أرزاقه وأرزاق بيته وعبيده ومواليه، وكان أيضا هو السفير بين الإخشيذ وبين من نازعه.
قال ابن زولاق: وحدثني بعض الكتاب قال: كان محمد بن رائق لما سار لقتال الإخشيذ راسله الإخشيذ بأبي محمد الحسن بن طاهر بن يحيى الحسيني، وكانت كتب الحسن بن طاهر ترد من الشام الى أخيه الحسين بن طاهر شقيقه، وكان ينوب عنه ويوقف الإخشيذ (٢٤٢ - ظ) علي ما يرد عليه ويوفقه على كتبه، وكان اذا كتب الى الإخشيذ كتب مع الطائر، ويكتب كثيرا الى أخيه الحسين، فقال أبو عبد الله الحسين بن طاهر: فورد علي كتاب أخي الحسن بن طاهر من الشام يقول فيه وتسأل الإخشيذ أن يعفيني من ضمان بلبيس وفاقوس (١) فاني قد عجزت عنهما لقلة فائدتهما وكثرة غشيان البوادي لها، ولم تكن هاتان الضيعتان في يد أخي فحملت الكتاب وجئت به الى الإخشيد وقرأته عليه فقال: هاتوا حديد بن الحصّان -يعني-كاتب ديوان الخراج، فقال في أبي محمد الحسن بن طاهر ضمان بلبيس وفاقوس؟ قال: لا، قال: فأطرق، ثم قال: ما قصر أبو محمد فيما قاله، عزم محمد بن
(١) -بلبيس مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام، وفاقوس في آخر ديار مصر من جهة الشام في الحوف الاقصى. معجم البلدان.