للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد من الأشواق لو هزت به … أعطاف غصن سل من أوراقه

كتم لهوى من بعد ما نمت به … ريّا كنشر الروض من أخلاقه

ولدى الهوى العذري طيب شمائل … ما مثلها تخفض على ذواقه

وأرى اللقاء مع الحياء مقابلا … مني ومنه مثل بعد فراقه

أو يجمع الشوق المبرح طالبا … ما بين مركز دملجيه (١) وساقه

قال وكان بينه وبين الالف الذي كتب هذه الأبيات إليه محالفة لطيفة في الله عز وجل على مذهب التصوف، ثم اعترض الدهر بينهما بقدحه بين القرناء فخافا من اتصال الممازجة قالة الأعداء، فصرم حبله واستبقى بذلك في الباطن وصله، واتفق أن ضاق صدر ذلك الأليف عن هذه السياسة (٢٣ - و) فاعتل ومات، فقال يرثيه ويعرض ببعض الأغراض التي قل ما قيل في مثلها:

لقد بؤت من دين المروءة بالكفر … وأصبحت أغشي صفحة الغدر بالغدر

عصيت الهوى العذري في هجر شادن … أضعت بهجراني له فرصة الدهر

نمى في حجور الملك ثم ملكته … بظل شباب حازه لي وما أدري

فقيد فتكي في هواه إنابة إلى … الله خلت دمعه واكفا يجري

يهون عليه أن تساعفه المنى … وأرجم يوم البعث في لهب الجمر

وما زال هجرانيه حتى تركته … جدثيا برغمي مودعا أضلع القبر

لقد كاد ذاك القبر يوم أزوره … يعلق ثوبي شاكيا ألم الهجر

بنفسي من خوفي من الاثم قادني … إلى الأثم فاستوفيت من قتله وزري

مضى والتقى والحسن حشو ثيابه … وأورثني منه الأسى آخر العمر

وقال في مثل ذلك أيضا:

تركت بشط‍ النيل لي سكنا فردا … جست عليه الدمع أن يطأ الخدا

غزال طواه الموت من بعد هجرة … أطعنا فلا كنا بها الأسد الوردا

فسقيا لمهجور العناء كانني أعد … له ذنبا وأطوي له حقدا

أسميه من فرط‍ الصبابة مضجعا … ولو طاوعت نفسي لسميته لحدا


(١) -الدملج: المعضد. القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>