وليس حليما من تقبل كفه … فيرضى ولكن من تعص فيحلم (١)
قلت وهذان البيتان كتبهما الى الحاكم بعد أن قتل الحاكم أباه عليا، وعمه محمد على ما نذكره في ترجمة أبيه علي ان شاء الله، وطلب الحاكم أبا القاسم وأخويه، فظفر بأخويه فقتلهما واستتر أبو القاسم وهرب الى الشام مع بعض العربان، وحصل عند حسان بن المفرج واستجار به، وأشار على حسان بمباينة الحاكم ولقاء يارختكين حين سيره الحاكم الى الشام فالتقاه وأسره وضرب عنقه، ثم اجتمع أبو القاسم بالمفرج وولده وأشار عليهم بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة ومبايعته، وترسل إليه عنهم بنفسه، وسهل عليه الأمر فطمع وبايعه بنو حسن وتلقب بالراشد، وصعد المنبر وخطب لنفسه وسار ابن المغربي برسالته الى العرب كلها من سليم وهلال وعوف بن عامر وغيرهم ثم سار به وبمن اجتمع إليه الى الشام ودخل به الرملة فتلقاه بنو الجراح وقبلوا الأرض بين يديه، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وخطب بها على المنبر فعظم ذلك على الحاكم فكتب الى حسان (٢٤ - ظ) والى أبيه المفرج وبذل لهما بذولا كثيرة حتى فلهما عن ذلك الجمع، وجعلهما في حيرة وضعف أمر أبي الفتوح، وبان له تغير آل الجراح، فخاف أن تخرج مكة من يده، فاستجار بالمفرج، وطلب منه أن يبلغه مأمنه ويسيره الى وطنه، فحفظ المفرج ذمامه، وسيره مع من أجازه وادي القرى، وتلقاه بنو حسن ومضوا به الى مكة، وكتب الى الحاكم واعتذر اليه فقبل عذره.
قرأت بخط عبد القوي بن القاضي الجليس عبد العزيز بن بن الحباب في جزء جمع فيه شيئا من أحوال أبي القاسم بن المغربي، قال فيه-وأجاز لنا عبد القوي الرواية عنه-: فأما أبو القاسم بن المغربي فانه كتب الى الحاكم كتابا صدره بقوله:
وأنت وحسبي أنت تعلم أن لي … لسانا أمام المجد يبني ويهدم
وليس حليما من تباس يمينه … فيرضى ولكن من تعض فيحلم