قال أبو الحسن بن نصر. هذا وإن كان احسانا من جانب، فهو سرف من جانب، ولو أحسن الدهر كله ليله ونهاره لمحاه ما استجاره في الصاحب أبي القاسم (٢٩ - و) رضي الله عنه.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: وجدت بخط أبي الفضل بن خيرون: الوزير أبو القاسم المغربي بميافارقين يوم الأحد الحادي عشر من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة-يعني مات (١).
قرأت بخط عبد القوي بن الحباب في تعليقه الذي ذكر فيه ابن المغربي قال:
وذكر أن بعض وزرائه، يعني أبا نصر بن مروان، ويعرف بأبي الحسن محمد بن القاسم بن صقلاب، من أهل الموصل، قال له: إن هذا رجل عظيم له سياسة وعظم حيلة وقد بلغك ما فعل من الأمور العظام، وأنه دوخ الممالك، وقلب الدول، وقد خبر حال هذا البلد وطال مقاما فيه، وعرف غوامض أسراره، ولست تأمن مكره، فاحتال عليه وسقاه السم في شرابه، وكان مبرزا بأخبيته وفساطيطه بظاهر ميارفارقين، فلما أحس بالموت تقدم برده الى المدينة فرد إليها، وتوفي بها في شهر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وأوصى أن تحمل جثته الى جوار قبر أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه بظاهرة الكوفة، ويدفن في تربة له هناك فحملت، وبين الموضعين مسيرة شهر.
قلت: وذلك حين كوتب من بغداد بالعودة إليها.
قرأت في بعض التواريخ قال: ولما أحس، يعني أبا القاسم بن المغربي، من نفسه بالموت، كتب كتابا الى كل من يصل إليه من الأمراء والرؤساء الذين بينه وبين الكوفة، يعرفهم فيه أن حظية له توفيت، وأن تابوتها يجتاز بهم الى مشهد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، وخاطبهم لمن يصحبه ويحضره، وكان قصده أن لا يتعرض أحد لتابوته، وان ينطوي خبره، فتم له ذلك، وحمل الكتاب مع تابوته، وكل من يجتار به ظن أنه الجارية، حتى وصل ودفن بالمشهد بالكوفة.