نقلت من كتاب المفاوضة جمع محمد بن علي بن نصر الكاتب، من خطه، وأخبرنا به أحمد بن أزهر بن السماك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران-إذنا-قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثني أبو الحسن مهيار الشاعر قال: لما وزر أبو القاسم بن المغربي ببغداد تعظم وتكبر، ورهبته الناس، وانقبضت عن لقائه، ثم خفت عاقبة ذلك، فعملت فيه قصيدتي البائية المشهورة التي أولها:
هل عند عينيك على غرب … ..
ودخلت إليه فوقفت بين يديه طمعا في أن يجلسني، فما فعل، فأنشدته:
نعم دموع يكتسي تربه … منها قميص البلد المعشب
فرفع طرفه إليّ وقال: اجلس أيها الشيخ، فجلست ومررت في القصيدة حتى بلغت الى قولي:
جاء بك الله على فترة … بآية من يرها يعجب
لم تألف الأبصار من قبلها … أن تطلع الشمس من المغرب (١)
فقال أحسنت يا سيدي، فلما فرغت من الانشاد جمع كل ما كان بين يديه من دينار ودرهم، فدفعه إليّ، وكان قدرها مائتي دينار، فقبلت الأرض وانصرفت.
ودخل الصاحب أبو القاسم بن عبد الرحيم رحمه الله، فأعطاه دينارا ودرهما، فصاح بي: أيها الشيخ، فرجعت فسلمها إليّ، وكان في الدينار ثلاثون مثقالا خلاصا، ثم استدعى طستا وغسل كل ما مدح به من الشعر في ذلك اليوم.
(١) -ديوان مهيار الديلمي-ط. بيروت ١٣١٤ هـ:١/ ٥٨ - ٦٧ مع فوارق، وانه أنشده اياها بهنئه بالنيروز وكان ذلك في داره بباب الشعير سنة أربع عشرة وأربعمائة.