وأنت تريد أن تسير اليهم، وهم عبيد الدنيا فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحبّ اليه ممن ينصره، فأذكرك الله في نفسك، فقال: جزاك الله يا بن عم خيرا، فقد اجتهدت، ومهما يقض الله من أمر يكن، فقال أبو بكر:
إنا لله، عند الله نحتسب أبا عبد الله.
وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب اليه كتابا يحذره أهل الكوفة ويناشده (٦٢ - و) الله أن يشخص اليهم، فكتب اليه الحسين: إني رأيت رؤيا ورأيت فيها رسول الله، وأمرني بأمر أنا ماض له ولست بمخبر بها أحد حتى ألا قي عملي.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص: اني أسأل الله أن يلهمك رشدك وأن يصرفك عما يرديك، بلغني إنك قد اعتزمت على الشخوص الى العراق، فإني أعيذك بالله من الشقاق، فان كنت خائفا فأقبل إلي، فلك عندي الأمان والبر والصلة، فكتب إليه الحسين: ان كنت أردت بكتابك إلي بري وصلتي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة، وانه لم يشاقق من دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.
وكتب يزيد بن معاوية الى عبد الله بن عباس يخبره بخروج حسين الى مكة ويحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة، وعندك منهم خبرة وتجربة، فان كان فعل فقد قطع واشج القرابة، وأنت كبير أهل بيتك، والمنظور اليه فاكففه عن السعي في الفرقة، وكتب بهذه الأبيات اليه والى من بمكة والمدينة من قريش:
يا أيها الراكب الغادي لطيته … على عذافرة (١) في سيرها قحم
أبلغ قريشا على نأي المزار بها … بيني وبين حسين الله والرحم
وموقف بفناء البيت أنشده … عهد الإله وما توفى به الذمم (٦٢ - ظ)
عنيتم قومكم فخرا بأمكم … أم لعمري حصان برة كرم
هي التي لا يدانى فضلها أحد … بنت الرسول وخير الناس قد علموا
(١) -العذافرة: الناقة الصلبة القوية. النهاية لابن الاثير.