للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضلها لكم فضل وغيركم … من قومكم لهم في فضلها قسم

إني لأعلم أو ظنّا كعالمه … والظن يصدق أحيانا فينتظم

أن سوف يترككم ما تدعّون بها … قتلى تهاداكم العقبان والرخم

يا قومنا لا تشبوا الحرب اذ سكنت … ومسّكوا بحبال السلم واعتصموا

قد غرت الحرب من قد كان قبلكم … من القرون وقد بادت بها الأمم

فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا … فرب ذي بذخ زلت به القدم

قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة ويطفئ به النائرة.

ودخل عبد الله بن عباس على الحسين فكلمه ليلا طويلا، وقال: أنشدك الله أن تهلك غدا بحال مضيعة لا تأتي العراق، وان كنت لا بد فاعلا فأقم حتى ينقضي الموسم وتلقى الناس وتعلم على ما يصدرون، ثم ترى رأيك، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين، فأبى الحسين إلاّ أن يمضي الى العراق، فقال له ابن عباس:

والله إني لأظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا اليه راجعون، فقال:

أبا العباس، إنك شيخ قد كبرت، فقال ابن عباس: لولا أن (٦٣ - و) يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنا إذا تناصينا (١) أقمت لفعلت، ولكن لا أخال ذلك نافعي، فقال له الحسين: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إليّ أن تستحل بي-يعني-مكة، قال: فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين ابن الزبير فذاك الذي يسلي (٢) بنفسي، ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب، وابن الزبير على الباب، فلما رآه قال: يا بن الزبير قد أتى ما أحببت، قرت عينك هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز.

يا لك من قبّرة بمعمر … خلا لك الجو فبيضي واصفري

ونقري ما شئت أن تنقري


(١) -أي أخذ كل منا بناصية الاخر. النهاية لابن الاثير.
(٢) -أي يسليني عن الهم. النهاية لابن الاثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>