للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة، ورأيت الصبيان يجرون بأرجلهما، فقال:

إنا لله وانا اليه راجعون، عند الله نحتسب أنفسنا، فقيل له: ننشدك الله يا بن رسول الله في نفسك، وأنفس أهل بيتك هؤلاء الذين تراهم معك، انصرف إلى موطنك، ودع المسير الى الكوفة، فو الله مالك بها ناصر، فقال بنو عقيل-وكانوا معه-: مالنا في العيش بعد أخينا مسلم حاجة، ولسنا براجعين حتى نموت، فقال الحسين: فما خير في العيش بعد هؤلاء، وسار، فلما وافى زبالة (١) وافاه بها رسول محمد بن الأشعت وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره، وخذلان أهل الكوفة إياه بعد أن بايعوه، وقد كان مسلم سأل محمد بن الأشعت ذلك-يعني حين ظفر به ابن زياد سأل ابن الأشعت، وعمر بن سعد، أن يكتبا الى الحسين بذلك-فلما قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر، وأقطعه قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، ثم أخبره الرسول بقتل قيس بن مسهر رسوله الذي وجهه من بطن (٢) الرقة، وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق، فلما سمعوا خبر مسلم، وقد كانوا ظنوا أنه يقدم على أنصار وعضد، تفرقوا عنه ولم يبق معه إلا خاصته، فسار حتى انتهى الى بطن العقيق (٣) فلقيه رجل من بني عكرمة، فسلم عليه وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية الى العذيب (٤) رصدا له، ثم قال له: انصرف بنفسي أنت، فو الله ما تسير إلا الى الأسنة والسيوف، ولا تتكلن على الذين كتبوا اليك فإن أولئك أول الناس مبادرة الى حربك (٧١ - و) فقال له الحسين: قد ناصحت وبالغت فجزيت خيرا، ثم سلم عليه، ومضى حتى نزل بسراة بات بها ثم ارتحل وسار، فلما انتصف النهار، واشتد الحر، وكان ذلك في القيظ‍ تراءت لهم الخيل، فقال الحسين لزهير بن القين: أما هاهنا مكان نلجأ اليه أو شرف نجعله خلف ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد؟ قال له زهير: بلى هذا جبل ذي (٥) جشم يسره عنك، فمل بنا إليه، فان سبقت اليه فهو كما تحب، فسار


(١) -زبالة منزل معروف بطريق مكة من الكوفة. معجم البلدان.
(٢) -واد معروف بعالية نجد. معجم البلدان.
(٣) -من منازل الحاج ومنه يحرم أهل العراق، معجم البلدان.
(٤) -ماء لبني تميم على مرحلة من الكوفة، معجم البلدان.
(٥) -مرتفع بالقرب من عسفان. معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>