للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرزق الحسن للعباد، وكثرت أخواتها من منن الخالق الجواد، فو كنت وذنّت (١) وجزعت وحلقت واهصرت، وانخضدت وعمها الترطيب فانسبتت وانسكبت فيها ينابيع الضرب في أظرف ظروف وأرق أهب ثم قبّت (٢) وجمدت وانتهت فهمدت، وبلغت أجل التمام وأذنت بالجذاذ والصرام، فماحت ممتارها، وأكرمت زوارها، وصارت عصمة للحاضر وثباتا للمسافر فبالها من ثمرة ما أكرمها، ومن موهبة ما أعظمها ومن دلالة على الصانع القديم ما أحكمها، ولو لم تكن كذلك لما كرر الله وصفها ولا أعاد في الكتاب ذكرها، ولا اعتد على عباده بما رزقهم منها، يقول جل من قائل:

«{وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ} (١٢٥ - ظ‍) {وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (٣)» وفي قوله عز اسمه «{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٤}» وفي قوله عز اسمه: «{فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ} (٥)» وفي قوله حكاية عن نبيه صالح عليه السلام في معاتبته لأسرته واعتداده على عترته: «{أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ} (٦) ولما جعلها في رتبة جنته ولا أعدها من جزاء أهل طاعته، وفي قوله تبارك وتعالى حين وصف الجنتين فقال جل ذكره: «{فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} (٧)» ولما جعل اسمها طيبا في الأسماء أصلها ثابت وفرعها في السماء، ولا ضرب الله بها الأمثال وأثنى عليها في كل حال فقال تقدست أسماؤه: «{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (٨)» فأعلمنا تبارك وتعالى


(١) -كذا بالاصل وفي التلخيص للعسكري: فاذا بدأ نقط‍ من الارطاب قيل: وكتت فهي موكته، فاذا أتاها التوكيت من قبل ذنبها فهي مذنبة وتذنوب.
(٢) -القاب من التمر: اليابس. التلخيص ٤٨٩.
(٣) - سورة الرحمن-الآية:٦٨.
(٤) - سورة الرعد-الآية:٤.
(٥) - سورة ق-الآية-١٠.
(٦) - سورة الرحمن-الآية:٦٨.
(٧) - سورة الرحمن-الآية:٦٨.
(٨) - سورة ابراهيم-الآيتان:٢٤ - ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>