غير مرة وبكيت بين يديه، وكنا ننظر اليه حسرة، ومات وأنا ببغداد سنة أربع وثلاثمائة، وصليت على جنازته.
قال الحاكم: انصرف أبو علي من مصر الى بيت المقدس ثم حج حجة أخرى، ثم انصرف الى بيت المقدس وانصرف على طريق الشام الى بغداد وهو باقعة (١) في الحفظ لا يطيق مذاكرته أحد ثم انصرف الى خراسان، ووصل الى وطنه ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا.
قال: وسمعت أبا علي يقول: قال لي أبو بكر محمد بن اسحاق: يا أبا علي لقد أصبت في خروجك الى العراق والحجاز، فإن الزيادة على حفظك وفهمك ظاهرة، ثم إن أبا علي أقام بنيسابور الى سنة عشر وثلاثمائة يصنف ويجمع الشيوخ والأبواب وجوّدّها، ثم حملها الى بغداد سنة عشر ومعه أبو عمرو الصغير فأقام ببغداد وليس بها أحفظ منه إلاّ أن يكون أبو بكر بن الجعابي فإني سمعت أبا علي يقول:
ما رأيت من البغداديين أحفظ منه، ثم إن أبا علي خرج الى مكة ومعه أبو عمرو، فحج وخرج الى الرملة وأبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة حي ثم انصرف أبو علي إلى دمشق، ثم إن أبا علي جاء الى حران وانتخب على أبي عروبة، ثم ان أبا علي انصرف الى بغداد فأقام بها حتى نقل ما استفاد من تصنيفاته في تلك الرحلة وذاكر الحافظ بها، ثم ان أبا علي انصرف من العراق، ولم يرحل بعدها إلاّ الى سرخس وطوس ونسا (١٣٥ - ظ).
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار. قال السمعاني: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، وقال الصفار: أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور. قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع قال: سمعت الفقيه أبا بكر الأبهري يقول:
سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول لأبي علي النيسابوري الحافظ: يا أبا علي ابراهيم عن ابراهيم عن ابراهيم من هم؟ قال: أبو علي ابراهيم بن طهمان عن ابراهيم بن عامر البجلي عن ابراهيم النخعي، قال: أحسنت يا أبا علي.
(١) -الباقعة: الرجل الداهية، والذكي العارف لا يفوته شيء ولا يدهى. القاموس.