الحكاية كما سقناها وقال في آخرها: قال الزبير: وأتوّهم أن أكون سمعته من مصعب بن عثمان.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال عمي مصعب بن عبد الله: وكان الحكم بن المطلب من أبر الناس بأبيه، وكان أبوه المطلب بن عبد الله يحب ابنا له يقال له الحارث حبا شديدا مفرطا، وكانت با لمدينة جارية مشهورة بالجمال والفراهة فاشتراها الحكم ابن المطلب من أهلها بمال كثير، فقال له أهلها-وكانت مولدة عندهم-: دعها عندنا حتى نصلح من أمرها، ثم نزفها إليك بما تستأهل الجارية منا فإنما هي ولد، فتركها عندهم حتى جهزوها وبيتوها وفرشوها، ثم نقلوها كما تهيأ تزف العروس الى زوجها، وتهيأ الحكم بأجمل الثياب وتطيب، ثم انطلق فبدأ بأبيه ليراه في تلك الهيئة ويدعو له تبركا بدعاء أبيه، حتى دخل عليه في تلك الهيئة وعنده الحارث بن المطلب، فأقبل عليه أبوه فقال: إن لي إليك حاجة، فما تقول؟ قال: يا أبت انما أنا عبدك فمر بما أحببت، قال: تهب جاريتك هذه للحارث أخيك، وتعطيه ثيابك هذه التي عليك وتطيبه من طيبك وتدعه يدخل على هذه الجارية، فإني لا أشك أن نفسه قد تاقت إليها، قال الحارث: لم تكدر (٢٣٧ - ظ) على أخي وتفسد قلبه عليّ، وذهب يريد يحلف، فبدره الحكم فقال: هي حرة إن لم تفعل ما آمرك أبي فإن قرّة عينه أحب إليّ من هذه الجارية، وخلع ثيابه فألبسه إياها وطيبه من طيبه فخلاه فذهب إليها.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك قال: جلس المطلب بن عبد الله ليلة يتعشى مع ابراهيم بن هشام ومعه عدة من ولده فيهم الحكم والحارث وغير هما، فجعل المطلب يأخذ الطعام الطيب من بين يدي ابنه-الذي لم يسمّ لي- فيضعه بين يدي حارث فجزع الفتى وقال: ما رأيت كما تصنع بنا قط وكما تستهيننا! فأمر بغلمانه فأدخلوا، وأمر بابنه ذلك فجر برجله حتى أخرجوه من الدار، فقال له الحكم: ما آثرت، إلا أحسننا وجها وإنه لأهل للإثرة، فقال له أبوه:
لك فلان وفلان حتى وهب له خمسة من رقيقه، فلما خرجوا قال أخو الحكم له:
لا جزاك الله خيرا ما ظننتك إلا ستغضب لي ويخرج بك على مثل حالي، فقال له الحكم: ما أحسنت في قولك ولا غبطتك بما صرت إليه فأقول مثل ما قلت.