للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصمعي: وصدق الفرزدق: بينا النابغة في كلام أسهل من الزلال وأشد من الصخر إذ لان، فذهب، ثم أنشدنا له:

سما لك همّ ولم تطرب … وبتّ ببثّ ولم تنصب

وقالت سليمى أرى رأسه … كناصية الفرس الأشهب

وذلك من وقعات المنون … ففيئي إليك ولا تعجبني

(٣٢٩ - ظ‍)

أتين على أخوتي سبعة … وعدن على ربعي الأقرب

وبعده أبيات، ثم يقول بعدها:

فأدخلك الله برد الجنان … جذلان في مدخل طيب (١)

فلان كلامه حتى لو أن أبا الشمقمق (٢) قال هذا البيت لكان رديئا ضعيفا.

قال الأصمعي: وطريق الشعراء إذا أدخلته في باب الخير لان ألا ترى أن حسان بن ثابت كان علا في الجاهلية والإسلام فلما دخل شعره في باب الخير من مراثى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحمزة وجعفر عليهما السلام وغيرهم لان شعره وطريق الشعر هي طريق الفحول مثل امرئ القيس وزهير، والنابغة من صفات الديار والرحل والهجاء والمديح والتشبيب بالنساء وصفة الخمر والخيل والحروب فإذا أدخلته من باب الخير لان.

قال المرزباني: وحدثني إبراهيم بن شهاب قال: حدثنا الفضل بن الحباب عن محمد بن سلام قال: كان الجعدي مختلف الشعر مغالبا، قال الفرزدق: مثله مثل صاحب الخلقان يرى عنده ثوب خز أو عصب، والى جانبه سمل كساء، وإذا قالت


(١) -ديوانه:١٢ - ٣٣.
(٢) -هو مروان بن محمد، شاعر هجاء من أهل البصرة، خراساني الاصل، له اخبار مع شعراء عصره، توفي حوالي سنة ٢٠٠ هـ‍ /٨١٥ م. الاعلام للزركلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>