للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنا عنده فقال القوم: ان نوف الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني اسرائيل، قال: وكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال: كذلك يا سعيد بن جبير؟ قلت: أنا سمعته يقول ذلك، قال ابن عباس: كذب نوف، حدثني أبيّ بن كعب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيى وأخذته ذمامه من صاحبه، فقال له: «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني» (١) لرأى من صاحبه عجبا (٢). قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شيئا عن الأنبياء بدأ بنفسه فقال: رحمة الله علينا وعلى صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد (٣)، ثم قال: إن موسى عليه السلام بينا هو يخطب قومه ذات يوم اذ قال لهم: ما في الأرض أحد أعلم مني فأوحى الله عز وجل إليه: ان في الأرض من هو أعلم منك، وآية ذلك أن تزود حوتا مالحا فإذا فقدته فهو حيث تفقده، فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى اذا بلغا المكان الذي أمروا به، فلما انتهوا الى الصخرة انطلق موسى يطلب (١٧٩ ظ‍) ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاضطرب «فاتخذ سبيله في البحر سربا» (٤) قال فتاه: اذا جاء نبي الله حدثته فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابهما ما يصيب المسافرين من النصب والكلال، ولم يكن يصيبه ما يصيب المسافرين من النصب والكلال حتى جاوز ما أمر به، فقال موسى لفتاه: «آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا» (٥) فقال له فتاه: يا نبي الله «أرأيت إذ أوينا الى الصخرة فإني نسيت الحوت» أن أحدثك «وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر سربا» «قال ذلك ما كنا نبغي» فرجعا «على آثارهما قصصا» (٦) يقصان الأثر حتى انتهيا الى الصخرة فأطاف بها فاذا هو مسجى بثوب، فسلم فرفع رأسه فقال له: من أنت؟


(١) - سورة الكهف-الآية:٧٦. والذمامة الخجل أو الحياء. النهاية لابن الأثير
(٢) -انظره في كنز العمال:٣٢٣٧٩،٢/ ٣٢٣٦٣.
(٣) -انظر كنز العمال:٢/ ٤٩٠٠ - ٤٩٠١.
(٤) - سورة الكهف-الآية:٦١.
(٥) -سورة الكهف-الآية أ ٦٢.
(٦) - سورة الكهف-الآيتان:٦٣ - ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>