للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء، فقال الخضر: إنما ابتعتني التماس خيري فأوصني بعمل، قال: أكره أن أشق عليك، قال: ليس يشق علي، فقال:

أضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك، ومضى الرجل لسفره، فرجع وقد شيد بناءه، قال: أسألك بوجه الله ما حسبك، وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله أوقفني في العبودية، وقال الخضر: سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي فباعني، فأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامة جلد ولا لحم إلا عظم يتقعقع، فقال الرجل: آمنت بالله، شققت عليك يا رسول الله ولم أعلم. فقال: لا بأس أبقيت وأحسنت، فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أحكم في أهلي ومالي ما أراك الله أن أخيرك (١) فأخلي سبيلك، فقال: أحب أن تخلي سبيلي يا عبد الله، فخلى سبيله، فقال الخضر:

الحمد لله الذي أوقعني في العبودية وأنجاني (٢) منها.

وفي هذا دليل على أن الخضر كان نبيا مرسلا لقوله: يا رسول الله في إخبار رسول الله صلى (١٨٦ - ظ‍) الله عليه وسلم عن قول القائل يا رسول الله.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدثنا حسين بن علي بن مهران قال: حدثنا عامر بن فرات عن أسباط‍ عن السدي، قال: كان ملك، وكان له ابن يقال له الخضر والياس أخوه أو كما قال، قال: فقال الناس للملك: انك قد كبرت وابنك الخضر لا يدخل في ملكك فلو زوجته لكي يكون ولده ملكا بعدك، فقال له:

يا بني تزوج، قال: لا أريد، قال: لا بد لك، قال: فزوجني، فزوجه امرأة بكرا، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء، فإن شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته، وان شئت طلقتك؟ قالت: بل أعبد الله معك، فلا تظهري سري فإنك


(١) -اثبت ابن العديم بالهامش ما يفيد أنه في رواية أخرى «وبمالي ما أراك الله أو أخيرك».
(٢) -انظره في تاريخ دمشق لابن عساكر:٥/ ٣٠١ - ومع بعض الفوراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>