ذكر أبو عبد الله محمد بن يوسف في رسالته الى أخيه بخبر القرمطي أن القرمطي وجه بخيل كثيرة ورجاله كثيفة مع المعروف بعميطر، وهو أحد دعاته وثقاته، الى ناحية حلب، فلما كان يوم الأربعاء لعشر ليال بقين من شهر رمضان-يعني-سنة تسعين أوقعوا بخليفة بن المبارك المعروف (٢٣٢ - و) بأبي الأغر وهو في عسكره على غاية الطمأنينة، وما يقدر أن خيل المارقة تبلغ إليه، لأنه لم يكن وصل الى حلب، وكان ابنه بها فقتل القرامطة عامة من كان في عسكره من الأولياء والتباع والتجار، فأبيد خلق من الناس وسلم أبو الأغر، فصار الى قرية من قرى حلب وخرج إليه ابنه من المدينة في جماعة من الأولياء والرجالة، فأقاموا على مدينة حلب على سبيل المحاصرة لأهلها، فلما كان يوم الجمعة سلخ شهر رمضان أسرع أهل مدينة حلب الى الخروج للقاء عدوهم، فمنعوا من ذلك، فكسروا قفل الباب، وخرجوا الى الفسقة، فدامت الحرب بين الفريقين، ورزق الله الرعية النصر عليهم، وخرج السلطان فأعانهم فقتل من القرامطة جماعة كثيرة.
ولما كان يوم السبت يوم العيد خرج أبو الأغر خليفة بن المبارك الى المصلّى وعيّد المسلمون وخطب الخاطب ثم عادت الرعية على حال سلامة. وأشرف خليفة ابن المبارك على عسكر الفسقة فما خرج إليه منهم أحد وانصرف فلما آيسوا رحلوا في النصف من ليلة الأحد عن معسكرهم وصاروا الى صاحبهم الخائن.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: سنة تسعين ومائتين خلع على أبي الأغر ووجه لحرب القرمطي بناحية الشام، فمضى الى حلب في عشرة آلاف.
قال: وللنصف من شهر (٢٣٢ - ظ) رمضان مضى أبو الأغر الى حلب، ونزل وادي بطنان قريبا من حلب، ونزل معه جميع أصحابه، فنزع فيما ذكر جماعة من أصحابه ثيابهم ودخلوا الوادي يتبردون بمائه وكان يوما شديد الحر، فبينا هم كذلك إذ وافاهم جيش القرمطي المعروف بصاحب الشامة مقدمهم المعروف بالمطوق، فكبسهم على الحال، فقتل منهم خلقا كثيرا، وانتهب العسكر، وأفلت أبو الأغر وجماعة من أصحابه، فدخل حلب، وأفلت معه مقدار ألف رجل وكان في عشرة آلاف رجل ما بين فارس وراجل، وقد كان ضم اليه جماعة ممن كان على باب