للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المذكورون ومناقبهم المشهورة المسطورة بهذه الفعلة الدنيئة التي فعلها والقصة الشنعاء التي سطرها المؤرخ، ونقلها، ومن قبيح فعله خروجه على الإمام المسترشد وجمع العرب لمحاربته ومطاولته مع قيامه بأعباء الخلافة ومساجلته.

ومن قبيح أفعاله وعدم وفائه ما أخبرنا به شيخنا افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الإمام أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: كتبت من «كتاب سر السرور» (١) لأبي العلاء محمد بن محمود النسابوري قاضي غزنه قال: لما قام المسترشد بأعباء الخلافة واستتب أمره خالفه أبو الحسن علي بن أحمد الملقب بالذخيرة، أخو المسترشد بالله وانحدر الى واسط‍ ثم اتصل بدبيس بن صدقة، ولم تطل الأيام حتى خاس بعهده وأخفر ذمته على ما قيل، ومكن أخاه من ربقته فعند ذلك كتب إليه:

أأشمتّ أعدائي وأذهبت قوتي … وهضت (٢) جناحا أنبتته يد الفخر

وما أنت عندي بالملوم وإنما … لي الذنب هذا سوء حظي من الدهر

فأين فعله هذا من فعل الأمير أبي العز مالك بن سالم بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر معه وقد وفد عليه دبيس هذا منهزما من المسترشد الى قلعة جعبر، فأجاره منه، فكاتبه المسترشد في معناه ليسلمه اليه فمنعه منه ولم يخفر ذمته.

وسمعت الأمير شرف الدولة بدران بن حسين بن مالك (٣١٢ - و) يقول:

سمعت أبي يقول نقل الى دبيس وهو عند أبي بقلعة جعبر أن أبي يريد أن يسلمه الى المسترشد وانه قد كاتبه في معناه لتسليمه اليه، قال فجلسا يوما، فبكى دبيس، فقال له أبي: أيها الأخ ما يبكيك؟ فقال: بلغني كذا وكذا، قال: فأمر غلامه فأحضر له خريطة فيها كتب المسترشد اليه وأحضر اليه نسخ الكتب التي كتبها في جوابه، وهو يقول: أنا والله لا أسلمه أبدا، فطاب قلب دبيس عند ذلك واطمأن.

وقد ذكر الفقيه معدان بن كثير البالسي فعل مالك بن سالم في قصيدة مدحه بها قرأتها بخط‍ الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة. أخبرنا بها شيخنا


(١) -لم استطع الوقوف عليه.
(٢) -كتب ابن العديم في الهامش: اظنه وأوهنت.

<<  <  ج: ص:  >  >>