قال: ويحك كان دعبل غلاما خاملا أيام ترعرع لا يؤبه له، وكان خله لا يدرك بقله، وكان بينه وبين مسلم بن الوليد ازار لا يملكان غيره شيئا، فاذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم بن الوليد في البيت عاريا، واذا أراد الخروج فعل دعبل مثل ذلك، وكانا اذا اجتمعا لدعوة يتلاصقان يطرح هذا شيئا منه عليه والآخر الباقي، وكانا يعبثان بالشعر الى أن قال دعبل بن علي هذا الشعر:
أين الشباب وأية سلكا … لا أين يطلب فعل من هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل … ضحك المشيب برأسه فبكى
قصر الغواية عن هوى قمر … وجد السبيل اليه مشتركا
وغدا بأخرى عز مطلبها … صبا يطامن دونها الحسكا
يا ليت شعري كيف يومكما … يا صاحبيّ إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا … قلبي وطرفي في دمي اشتركا (١)
الى آخرها قال: فثقف أوله بعض المغنيين فغنى به هارون الرشيد فاستحسنه جدا واستجاد قوله: «ضحك الشيب برأسه فبكى» فقال للمغني: لمن هذا الشعر ويحك؟ قال: لبعض أحداث خزاعه ممن لا يؤبه له يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي قال: يا غلام أحضرني (٣٢٦ - و) عشرة آلاف درهم وحلة من حللي ومركبا من مراكبي خاصة يشبه هذا، فأحضر ما أمره قال: ادع لي فلانا فدعاه له، فقال له: اذهب بهذا حتى توصله الى دعبل، وأجاز المغني بجائزة عظيمة، وتقدم الى الرجل الذي بعثه الى دعبل ان يعرض عليه المصير الى هارون،