للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فلما كان يوم العيد جئت الى بابه فأردت الدخول اليه للسلام عليه، فضربت الباب فخرج إليّ وسلم عليّ وسلمت عليه، وجاء الناس يسلمون عليه، فقال: مات الشيخ أبو الحسن الفاسي؟ فقلت له: نعم من أخبرك بهذا، وكنت قد سمعت بموته من مراكب جاءت في البحر، فقال لي: رأيت في المنام كأن ثنيتي العليا قد سقطت، فقلت له: يؤوّل هذا بالأخوة والآباء؟ فقال: أي أب وأخ أعظم من الشيخ أبي الحسن، ثم قال لي: قد قرب الموت يا أصحابنا ما بقينا نجتمع بعد هذه الوقفة إلاّ في الدار الآخرة إن شاء الله، ثم قال لي: كنت قد عزمت على أني لا أخرج وأن أصوم الستة أيام أتبع شهر رمضان، وما كنت فعلت هذا قبل ذلك لأن مذهبي وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يكره صومها متتابعا، فرأيت الشيخ أبا الحسن الفاسي في المنام وقال: لأي شيء رجعت عن مذهبك، وعادتك، قم فاخرج الى الناس فقمت وخرجت لما سمعت ضربك الباب (٤٣ - و).

قال لي عمي أبو غانم: سمعت الشيخ ربيع يقول: رأيت الشيخ أبا زكريا رحمه الله في المنام فقال لي: يا ربيع أول من يموت منا أنا، ثم الشيخ علي الفاسي، ثم أنت، فمضى لذلك قليل فمات الشيخ أبو زكريا، ثم ان الشيخ ربيع قدم حلب فوجد الشيخ أبا الحسن مريضا، فكان يقول له: يا شيخ مت حتى أموت أنا، فبقي الشيخ علي بعد ذلك مدة ثم مات بحلب، ثم مات بعده الشيخ ربيع بعد مدة قريبة بالبيت المقدس رحمهم الله تعالى.

حدثني عمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة-وكان قد حج سنة احدى وستمائة-قال: لما وصلت مكة حرسها الله وجدت الشيخ ربيع في أواخر مرض أشفى فيه على الموت أيس منه أصحابه فرآهم منزعجين بسببه، وبكوا حوله، فقال لهم: لا تشغلوا قلوبكم فأني لا أموت إلا في البيت المقدس، فلما قضينا حجنا وكنت قد حججت على العراق، عرضت على الشيخ ربيع أن أحمله الى الشام، وعدت على طريق أيلة، وكان أكثر رغبتي في العود على طريق أيلة صحبة الشيخ ربيع، فصحبته وأصابه الذرب وقوي عليه في الطريق، وجئت الى عقبة أيلة وهي عقبة مشقة لا يركب فيها أحد فلم يمكن الشيخ ربيع النزول وصعد راكبا على الجمل والجمل الذي تحته في العقبة يصعد به كأنه يمشي في أرض سهلة، قال: ووصلنا الى

<<  <  ج: ص:  >  >>