قبر الخليل عليه السلام وزرناه، ووصلنا الى البيت المقدس واشتد به المرض وفارقته منه فلما (٤٣ - ظ) وصلت دمشق وصلني خبر وفاته، أنه توفي بالبيت المقدس في أواخر صفر أوائل شهر ربيع من سنة اثنتين وستمائة.
قال لي عمي أبو غانم: وبلغني أن الشيخ ربيع أوصى بأن يتولى غسله علي بن السلار، وكان ابن السلار بدمشق فتعجب أصحابه وقالوا: ابن السلار بدمشق، فكيف يغسله؟ فبينما هم على ذلك وصل ابن السلار من دمشق قبيل موته، قال:
ولما احتضر خرج أصحابه من عنده فسمعوه من داخل وهو يقول بانزعاج: ألمثلي يقال هذا؟ ثم سكت، ثم قال:«لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ»(١) فدخلوا اليه فوجدوه قد قضى نحبه.
وقال لي الامير علي بن سليمان بن ايداش بن السلار، أمير الحاج الشامي:
أوصى الشيخ ربيع إليّ في غسله وتجهيزه ودفنه، وكنت بدمشق ولم أعلم بذلك، فبلغني خبر وصوله الى البيت المقدس فعزمت على قصده وجذبني اليه جاذب فركبت من دمشق الى البيت المقدس واجتهدت في السير، وأظنه قال لي: وصلت في ثلاثة أيام فلحقته قبل أن يموت فتوليت غسله وتجهيزه ودفنه رحمه الله.
أخبرني الشيخ أبو القاسم الأسعردي بالمنحنى في طريق الحج، وكان حج في السنة التي حججت فيها على طريق تبوك في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان رجلا صالحا خيارا، قد صحب المشايخ، وتأدب بهم، وجاور البيت المقدس مدة، وكان له زاوية بالحرم مما يلي باب الرحمة، قال: دخل الشيخ ربيع البيت المقدس وهو مريض، وقوي مرضه فسألناه من يغسله (٤٤ - و) فقال لنا: الساعة يقدم من دمشق من يتولى ذلك، فقدم هذا شجاع الدين علي بن سليمان بن السلار أمير الحاج، وأشار اليه، قال أبو القاسم: وسمعته يقول وقت موته «لمثل هذا فليعمل العاملون».
قلت: ودفن بمقبرة البيت المقدس الغربية المعروفة بمامليّ، وزرت قبره