وحدثني والدي قال: أخبرني أبي قال: وقع بين والدي أبي غانم وبين القاضي أبي الفضل بن الخشاب مشاجرة في التخم الذي بين قرية والدي أقذار وبين قرية ابن الخشاب عيطين، وآل الأمر في ذلك الى مواحشة وغلظة، فبلغ الملك رضوان فقال: أنا أخرج بنفسي وأقف معكما على التخم، فخرجا مع الملك ووقف معهما وقال لأحدهما: الى أين تدّعي؟ فقال: إلى ها هنا، وقال، للآخر: الى أين تدّعي؟ فقال: الى ها هنا، فقال لكل واحد منهما: أريد أن تهب لي نصف ما تدّعي على صاحبك، فأجاباه جميعا الى ذلك، وأصلح بينهما على أن نزل كل واحد عن نصف المدعى به، وجعل بينهما تخما اتفقا عليه، ورجع الى المدينة، وهذا أيضا من المآثر التي ينبغي أن تكتب وتسطر وتنقل في التواريخ وتذكر.
قرأت بخط الشريف ادريس بن الحسن الادريسي الاسكندراني قال الشيخ أبو الحسن بن الموصول، وأملانيه بدار الشريف أمين الدين أبي طالب أحمد بن محمد النقيب الحسيني الاسحاقي من تعليق لبعض (٩١ - و) أسلافه قال: وفي شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسمائة وصل الى حلب رجل كبير فقيه تاجر يقال له أبو حرب عيسى بن زيد بن محمد الخجندي ومعه خمسمائة جمل عليها أحمال أصناف التجارات، وكان شديدا على الاسماعيلية مسعدا لم يقصدهم، مبالغا في بابهم، أنفق في المجاهدين لهم بسببهم أموالا جليلة، فقام في غلمان له يستعرض أحماله وحوله جماعة من مماليكه وخدمه، وكان قد أصحب من خراسان باطنيا يقال له أحمد بن نصر الرازي، وكان أخوه قتله رجال هذا الخجندي، فدخل الى حلب، واستدل على أبي الفتح الصايغ رئيس الملاحدة بها، وكان متمكنا من رضوان، فصعد الى الملك رضوان، وعرفه ما جرى بينهم وبين الفقيه أبي حرب، وأطمعه في ماله، وأراه أنه بريء من التهمة في بابه إذ كان معروفا بعداوة الملحدة، فطمع رضوان وانتهز الفرصة فيه، وطار فرحا، فبعث بغلمان له يتوكلون به، فبرز الى أبي حرب عيسى الفقيه أحمد بن نصر الرازي وهجم عليه، فقال لغلمانه وأصحابه: أليس هذا رفيقنا؟! فقالوا: هو هو، فوقعوا عليه فقتلوه، وهجم جماعة من أصحاب أبي الفتح الباطني الحلبي على أبي حرب فقتلوا عن آخرهم، ثم قال أبو حرب: الغياث بالله من هذا الباطني الغادر، أمنا المخاوف وراءنا وجئنا إلى (٩١ - ظ) الأمنة، فبعث علينا من