للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، ورب السحاب المسخر بين السماء والأرض، ورب البحر المسجور المحيط‍ بالعالمين، ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض (١٣٠ - و) أوتادا وللخلق منعا، ان أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي، وسددنا للحق، وان أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصم باقي أصحابي من الفتنة.

فلما رأوه أهل الشام قد أقبل خرجوا إليه بزخرفهم، وجعل علي على ميمنته يومئذ عبد الله بن بديل بن ورقاء، وعلى ميسرته عبد الله بن عباس، وجعل قراء أهل العراق مع ثلاثة نفر: عمار بن ياسر، وقيس بن سعد بن عبادة مع ابن بديل والناس على راياتهم، وعلي في القلب في أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، وكان عظم من معه من أهل المدينة الأنصار، وكان معه من خزاعة عدد حسن، ومن كنانة وغيرهم خلق كثير، وكان علي رجلا دحداحا ربعه.

قال: فزحف علي بالناس اليهم، ورفع معاوية على قبة له عظيمة قد ألقي عليها الكرابيس (١).

فزحف عبد الله بن بديل في الميمنة نحو حبيب بن مسلمة، فلم يزل نحوه ويكشف خيله من الميسرة حتى اضطرهم الى قبة معاوية عند الظهر.

وقال زيد بن وهب الجهني: أن عبد الله بن بديل قام يومئذ في أصحابه فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا ان معاوية ادعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومن ليس هو مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، ومال عليكم بالأعراب، والأحزاب وزين لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبّس عليهم الأمر وزادهم رجسا الى رجسهم، وأنتم والله على الحق، وعلى نور من ربكم وبرهان مبين فقاتلوا الطغاة الجفاة، قاتلوهم (١٣٠ - ظ‍) ولا تخشوهم «فالله أحق أن تخشوه ان كنتم مؤمنين (٢)» وقد قاتلتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله ما هم في هذه بأزكى ولا أبّر، قوموا الى عدو الله وعدوكم (٣).


(١) -الكرابيس: ثياب من القطن الابيض. القاموس.
(٢) - سورة التوبة-الآية:١٣.
(٣) - صفين لنصر بن مزاحم:٢٦١ - ٢٦٤، مع فوارق واضحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>