دعوت مجيبا ناصحا لك مخلصا … يرى ذاك فرضا لا محالة واجبا
فلبيت لا مستنكفا جزعا ولا … هدانا اذا خاض الكريهة هائبا
قال فيها في ذكر هذه الوقائع:
ولما دعاني المدركي ابن صالح … شققت ولم أرهب اليه الكرائبا
أسابق صرف الدهر في نصر سابق … الى تركمان الترك أزجي النجائبا
فلما التقيناهم غدا البعض سالبا … لانفسهم والبعض للمال ناهبا
فيا لك من يوم سعيد بيمنه … عن الثغر أضحى عسكر الضد هاربا
وكان يرى في كفه الشام حاصلا … ويوم بزاعا رد ما ظن خائبا
وفي يوم خناقيه قد خنقتهم … بعثير ذل رد ذا الشرخ شائبا
عطفت لهم اذ خام من خام منهم … بفتيان كالعقبان شامت توالبا (١)
فلله قومي الصادرون لو انثنوا … معي أو فريق كنت للجمع ناكبا
فولوا وقضبان المخافة فيهم … مسابقة أرماحنا والقواضبا
فكم فارسا منهم تركنا مجدلا … يباشر ترب القاع منه الترائبا
وإذ ايقنوا أن ليس للكسر جابر … تولو وعن جبرين حثوا الركائبا
وخلنوا بها كسبا حووه وأبصروا … سلامتهم منا أجل مكاسبا
ورحل تاج الدولة تتش من جبرين، وكان نازلا بعسكره عليها الى دمشق.
ولما جرى هذا الحادث طمع شرف الدولة، أبو المكارم، مسلم بن قريش في الشام، وكاتبه سابق بن محمود يبذل له تسليم حلب اليه، ووفدت (١٤٦ - و) عليه بنو كلاب بأسرها، فتوجه الى حلب، ونزل عليها في السادس عشر من ذي الحجة من سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، فغلقت أبوابها في وجهه، وكان عند سابق أخواه شبيب ووثاب بحلب، فلم يمكناه من التسليم، فلم يقاتلها، وأهلها يحرصون على التسليم اليه لما هم فيه من الجوع، وعدم القوت، وسلم البلد اليه ولد الشريف الحتيتي، على ما نذكره في ترجمة أبي المكارم مسلم بن قريش فانحاز سابق الى القلعة. وأخواه شبيب ووثاب في القصر لضيق القلعة، وحصر أبو المكارم القلعة
(١) -التولب: الجحش. القاموس.