وقال لي صديقنا بهاء الدين أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب رحمه الله: أمر الأمير سيف الدين علي بن قلج وكان من أكابر الأمراء بحلب، وقد اجتمعت أنا به ولم أسأله عن ذلك، بأن تنقل تلك الكتابة الرومية، فنقلت، ودفعها إلى بعض علماء الروم، فترجمها، فكان معناها هذا النور هبة من الله العظيم لنا، أو ذكر كلاما نحو هذا، وفيه زيادة عليه.
وحضرت بقلعة الراوندان عند الملك الصالح أحمد بن الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب (١٨٢ - ظ) فحكى أن عنده ببلد الراوندان قرية، وأشار بيده نحو الغرب، وقال: هي في ذلك المكان، وإنه يشاهد فيها نور ساطع إما في ليلة الجمعة أو في ليلة أخرى سواها ينظر إليه من كان خارجا عن تلك القرية، حتى إذا قصدها ووصل إليها غاب عنه فلم ير شيئا ..
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور قال: وفي البرج المنسوب إلى الهري، فذكر أشياء ثم قال: وعلى أسكفتي الباب العلياتين حجر قد طبّق المصراعين، فيه قبر دقيانوس ملك أصحاب الكهف، وذكر لي جماعة ثقات بطرسوس أن يازمار الخادم في ولايته كشف عنه بمقدار ما يمكن الوصول إليه، فوجد ميتا مسّجى بأكفانه مصبرا، معه سيف إلى جانبه، فأمر بالسيف فأخذ فوزن، فوجدوه أحد عشر أوّقية بالطرسوسي التي وزن كل أوقية منها اثنان وثلاثون درهما، وردّ ما كان كشف منه إلى حاله.
قلت والعجب أن عبد الله المأمون دفن في بطانة محراب جامع طرسوس بسلاحه، ولما ملك الدمستق (١) طرسوس، سقط محراب الجامع، وسقط المأمون بسلاحه، فأخذ الدمستق سيفه، وردّ الباقي إلى حاله، ورد إلى موضعه.
وشاهدت في المدرسة الحنفية المعروفة بالحلاوية بحلب مذبحا من الرخام
(١) -نقفور فوكاس، وقد ورد ذكر هذا سابقا في باب طرسوس.