للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند القبرين سمى أحدهما يوم نعيم والآخر يوم بؤس فكان يوضع سريره بينهما فأول من يطلع عليه في يوم نعيمه وهو على سريره يعطيه مائة من الإبل سهما وهي السود وكانت مما يقتنيها الملوك وكان أول من يشرف عليه في يوم بؤسه يعطيه رأس ضربان (١)، ثم يأمر به فيذبح ويغري بدمه الغريين، فلبث بذلك برهة من دهره يعطي ويقتل ويغرّي بدماء القتلي الغريين.

فبينما هو ذات يوم من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي أول من أشرف عليه، فقال له المنذر: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد؟ قال: أتتك بحائن رجلاه فأرسلها مثلا، فقال المنذر: أو أجل بلغ أناه (٢)، قال: أنشدني يا عبيد شعرك فإنه يعجبني، فقال: حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبيين (٣) الجريض غصة الموت فأرسلها مثلا، فقال له المنذر: اسمعني، فقال له عبيد المنايا على الحوايا، فأرسلها مثلا، فقال له بعض القوم: أنشد الملك هبلتك أمك قال: وما قول قائل مقتول! فقال له آخر: ما أشد جزعك من الموت يا عبيد؟ قال:

لا يرحل رحلك من ليس معك، فأرسلها مثلا، أي لا يدخل في أمرك من لا يهتم بك، قال له المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك، قال عبيد: من عزّ بزّ، أي من غلب سلب، فأرسلها مثلا، فقال له المنذر: أنشدني:

أقفر من ساكنه ملحوب.

فقال عبيد:

أقفر من أهله عبيد … فاليوم لا يبدي ولا يعيد

(٢٩٨ - و) فقال له المنذر: أسمعني قبل أن آمر بذبحك، فأنشأ يقول:

لا غرو من عيشه نافده.

وفي أخرى:


(١) -أي ناقة حلوب. القاموس.
(٢) -بلغ غايته ومنتهاه.
(٣) -أي اشتد الامر وتفاقم. القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>