للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خير في عيشة ناكدة … وهل غير ما سنّة واحدة

فابلغ بنيّ وأعمامهم … بأن المنايا هي الراصدة

لها مدة فنفوس العباد … إليها وإن كرهت قاصدة

فلا تجزعوا بحمام بنا … فللموت ما تلد الوالدة

فقال له المنذر: يا عبيد لا بد من الموت، وقد علمت أن أبي لو عرض علي في هذا اليوم لم أجد بدا من ذبحه، فأما إذ كنت لها وكانت لك، فاختر إحدى ثلاث خصال: إن شئت من الأكحل، وإن شئت من الأبجل، وإن شئت من الوريد (١)، فقال له عبيد: أبيت اللعن ثلاث خصال كسحاب عاد ورّادها شرّ ورّاد ومقادها شرّ مقاد ولا خير فيها لمرتاد، ولكن إن كان ولا بد فاسقني الخمر حتى إذا ماتت لها مفاصلي وذهلت لها ذواهلي فشأنك وما تريد، فأمر المنذر بالخمر فسقي منها حاجته حتى إذا أخذت منه، وطابت نفسه دعا به ليذبحه فأمر بقتله فقال:

وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه … خصالا أرى في كلها الموت قد برق

كما خيرت عاد من الدهر مرة … سحائب ما فيها لذي خيرة أنق

(٢٩٨ - ظ‍)

سحائب لم توكل ببلدة … فتتركها إلاّ كما ليلة طلق (٢)

فأمر المنذر به ففصد حتى مات وغرّي بدمه الغربين.

قرأت بخط‍ بعض الفضلاء في مجموع، وأظنه بخط‍ الشريف ادريس بن الحسن ابن علي الإدريسي المصري قال من جزء ضخم جمع كاتبه أو مصنفه فيه تواريخ الوفاة منذ سنة ثلاث وستين وثلاثمائة إلى آخر سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة: قتل الفارقي أبو القاسم سعيد بن سعيد في الموكب بعد المغرب عند بستان الخندق-يعني- بالقاهرة، يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الأولى سنة احد وتسعين وثلاثمائة ودفن مكانه.


(١) -الاكحل: عرق في الذراع، والابجل عرق غليظ‍ في الرجل أو اليد، والوريد في العنق.
(٢) -ديوان عبيد بن الابرص-ط‍. دار صادر بيروت:٧ - ٩٩،٥٥،١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>