ثم نادى مناد: أين علي بن أبي طالب، فإذا بشيخ طوال أبيض الرأس واللحية، عظيم البطن، دقيق الساقين، وأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله، فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين الى الجنة.
فلما أن رأيت الأمر قد قرب مني اشتغلت بنفسي فلا أدري ما فعل الله بمن كان بعد علي، إذ نادى المنادي: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت فوقعت على وجهي، ثم قمت فوقعت على وجهي، ثم قمت فوقعت على وجهي، وأتاني ملكان فأخذا بضبعي فأوقفاني أمام الله تعالى فسألني عن النقير والقطمير وعن كل قضية قضيت بها حتى ظننت أنى لست بناج، ثم إن ربي نفضل عليّ وتداركني منه برحمة وأمر بي ذات اليمين الى الجنة، فبينا أنا مار مع الملكين الموكلين بى إذ مررت بجيفة ملقاه على رماد، فقلت: ما هذه الجيفة؟ قالوا: أدن منه فسله يخبرك، فدنوت منه فوكزته برجلي وقلت له: من أنت؟ قلت: أنا عمر بن عبد العزيز، قال لي: ما فعل الله بك وبأصحابك؟ قلت: أما أربعة فأمر بهم ذات اليمين الى الجنة، فقال: أنا كما صرت ثلاثا، قلت: أنت من أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قلت له: حجاج، أرددها عليه ثلاثا، قلت: ما فعل الله بك؟ قال لي: قدمت على رب شديد العقاب ذو بطشه (٥٠ - ظ) منتقم ممن عصاه، فقتلني بكل قتلة قتلت بها مثلها، ثم ها أنا موقف بين يدي ربي أنتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم، إما الى جنة، وإما الى نار.
قال أبو حازم: فأعطيت الله عهدا بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز أن لا أوجب لأحد من هذه الأمه نارا.
قال الحافظ أبو نعيم: رواه ابراهيم بن هراسة عن الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم مختصرا، أخبرناه محمد بن أحمد بن ابراهيم-إجازة-قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا السري بن عاصم قال: حدثنا ابراهيم بن هراسة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، وهو يومئذ أمير المؤمنين، فلما نظر إليّ عرفني، ولم أعرفه، فقال لي: أدن يا أبا حازم فلما دنوت منه عرفته، فقلت: أنت أمير المؤمنين؟ قال:
نعم، قلت: ألم تكن عندنا بالأمس بالمدينة أميرا لسليمان بن عبد الملك، فكان