للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأسه في جيب مرقعته فخطر له طيبة الحرم، فقال في سره يا ليتني كنت بالحرم، فأخرج رأسه من مرقعته فاذا هو في الحرم، ثم أمسك عن الكلام، فتغامز الجميع واتفقوا على أنه ذلك الرجل.

ثم قال أحدهم: تسأل الجماعة الشيخ أيده الله أن يخبرهم بسبب قطع يده، فقال كما قال لي: يد جنت فقطعت، فقيل: قد سمعنا منك هذا مرارا كثيرة أخبرنا كيف كان سببه؟ فقال: نعم أنتم تعلمون أني من أهل الغرب، فوقعت لي مطالبة السفر فسرت حتى بلغت الاسكندرية، فأقمت بها اثني عشرة سنة، ثم سرت منها فبلغت ما بين شطا ودمياط‍، فأقمت اثني عشرة سنة، فقيل له: اسكندرية بلد عامر أمكنك القيام بها اثنا عشر سنة، وبين دمياط‍ وشطا مفازة لا زرع ولا ضرع فما (٨٠ - و) كان قوتك؟ فقال: نعم كان في الناس خير في ذلك الزمان، وكان يخرج من مصر خلق كثير يرابطون بدمياط‍، وكنت بنيت كوخا على شط‍ خليج، فكنت أجيء من ليل الى ليل الى تحت السور، فاذا أفطروا المرابطين ونفضوا سفرهم خارج السور زاحمت الكلاب على قمامة السفر فآخذ كفايتي، فكان ذلك قوتي صيفا، قالوا: ففي الشتاء؟ قال: نعم كان ينبت حول الكوخ من هذا البردي الجافي فيخصب في الشتاء فأقلعه مما كان منه في التراب يخرج غصن أبيض فآكله، وأرمي بالأخضر الجاسي، فكان هذا قوتي الى أن نوقرت في سري: يا أبا الخير تزعم أنك لا تشارك الخلق في أقواتهم وتشير الى التوكل، وأنت في وسط‍ المعلوم جالس فقلت: الهي وسيدي ومولاي، وعزتك لا مددت يدي الى شيء مما تنبته الارض حتى تكون أنت الموصل إليّ برزقي من حيث لا أكون أنا أو لا فيه، فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض وأتنفل، ثم عجزت عن النافلة، فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض والسنة، ثم عجزت عن السنة فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض لا غير، ثم عجزت عن القيام فأقمت اثني عشر يوما اصلي جالسا، ثم عجزت عن الجلوس فرأيت ان طرحت نفسي ذهب فرضي، فلجأت الى الله عز وجل بسري، وقلت: الهي وسيدي افترضت عليّ فرضا تسألني عنه وقسمت (٨٠ - ظ‍) لي رزقا وضمنته لي فتفضل علي برزقي ولا تؤاخذني بما اعتقدت معك، فوعزتك لأجتهدن أني لا حللت عقدا عقدته معك، فاذا بين يدي قرصين بينهما شيء-ولم يذكر الشيء، ولا سأله أحد من الجماعة-قال فكنت آخذه على الدوام من ليل

<<  <  ج: ص:  >  >>